للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلُ [في الاعْتِكَافِ]

وهُوَ لَبْثُ صَائمٍ في مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ

===

عَلِمَ أَنه لم يَنْوِ فلا شك في عدمها (١) .

فصلٌ (في الاعتكاف)

الاعتكافُ سُنَّة مُؤَكَّدة، وقال «القُدُوري»: مستحب. والحق أَنه ينقسم إِلى واجب: وهو النَّذْر، وإِلى سنة مؤكدة: وهو العَشْر الأَخير من رمضان، وإِلى مستحب: وهو ما عدا ذلك. روى الجماعةُ إِلاَّ ابن ماجه من حديث عائشةَ رضي الله عنها: أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَواخِرَ من رمضانَ، ثم اعتكف أزواجُه بعده.

(وهُوَ) في اللغة: الإِقامة على الشيء، وحَبْسُ النفس عليه، ومنه قوله تعالى: {ما هَذِهِ التَّمَاثِيلُ التي أَنْتُم لها عَاكِفُونَ} (٢) .

وفي الشرع: (لَبْثُ صَائِمٍ) ـ بِفَتْحِ اللام وسكون الموحدة ـ أَي مُكْثُه (في مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ) وهو الذي له مؤذن وإِمام، ويُصَلَّى فيه الصلوات الخمس، أَوْ بعضها بجماعة. وعن أَبي حنيفة: لا بد أَنْ يُصَلَّى فيه الصلوات الخمس بجماعة، وهو قول أَحمد. وعن أَبي يوسف ومحمد: يصِح الإِعتكاف في كل مسجد، وهو قول مالك والشافعي لإِطْلاق قوله تعالى: {وأَنْتُم عَاكِفُون في المَسَاجِدِ} (٣) .

ولأَبي حنيفة قول عَلِيّ: «لا اعتكاف إِلاَّ في مسجد جماعة». رواه ابن أَبي شيبة، وعبد الرزاق في «مُصَنَّفَيْهِما». وقول ابن عباس: «إِنَّ أَبْغَضَ الأُمورِ إِلى اللَّهِ تعالى البِدَعُ، وإِنَّ مِنَ البِدَعِ الاعتكافَ في المساجد التي في الدُّورِ». رواه البيهقي في «سننه». وروى الطبراني في «معجمه» عن إِبراهيم النَّخَعِيّ، أَنَّ حذيفةَ قال لابن مسعود: «أَلَا (٤) تَعْجَب مِنْ قومٍ بين دارِكَ ودارِ أَبي موسى، يَزْعُمُونَ أَنَّهم مُعْتَكِفون؟ قال: لعلهم أَصابوا وأَخطأْتَ، أَوْ حَفِظُوا ونَسِيتَ، قال: أَمَّا أَنَا فقد عَلِمْتُ أَنَّه لا اعتكاف إِلاَّ في مسجد جماعة». انتهى.

وأَفْضَل الاعتكافِ ما كان في المسجد الحرام، ثم ما كان في مسجده عليه


(١) أي في عدم الصحة.
(٢) سورة الأنبياء، الآية: (٥٢).
(٣) سورة البقرة، الآية: (١٨٧).
(٤) في المطبوعة: "لا"، وما أثبتناه من المخطوطة وهو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>