للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَقْضِي هذان. ويُتِمُّ مُقِيمٌ سافر، ولو أَفْطَرَ لا كَفَّارَةَ عليه.

وجُنُونُ كُلِّ الشَّهْرِ يُسْقِط لا البَعْضِ. وإِنْ أُغمِيَ أَيامًا قَضَاهَا، إِلَّا يومًا نواه.

===

هؤلاء بَقِيَّةَ يَوْمِهِم قَضَاءً لِحَقِّ الوَقْتِ بالتَّشَبُّهِ (ولا يَقْضِي هذان) أَي الصبي والكافر، وإِنْ كان البلوغُ والإِسلامُ في وقت النية ونويا الصوم وأَكلا، لأَن القضاء يَسْتَدْعِي سَبْقَ الوجوبِ ولا وجوبَ عليهما لعدم أَهْلِيَّتِهِمَا، وإِنما يجب قضاء الصلاة إِذا بلغ الصبي، أَوْ أَسلم الكافر في بعض وقتها، لأَن السبب فيها الجزء المتصل بالأَداء، وقد وجدت الأَهلية فيه. والسبب في الصوم الجزء الأَول من اليوم والأَهليةُ مُنْعَدِمَةٌ عنده.

وكذا يُمْسِك بقيةَ يومه المريضُ إِذا بَرِأَ، والمجنونُ إِذا أَفاق. وأَمَّا المُفْطِرُ خطأً أَوْ عَمْداً أَوْ أَفْطر يومَ الشك، ثم ظَهَرَ أَنه من رمضان، فإِنه يجب التَّشَبُّهُ اتفاقاً في هذه الصور، بخلاف الأَمثلةِ المُتَقَدِّمَةِ فإِنَّه قيل: يستحب، لقول أَبي حنيفة رحمه الله تعالى في الحائض تطهر نهاراً: لا يحسن أَنْ تأْكُل والناس صيام، وهو قول مالك والشافعي، لأَن الصوم لا يلزمها أَول النهار لا ظاهراً ولا باطناً، فلا يلزمها الإِمساك في آخر النهار، وهذا لأَن الإِمساك يدل على حقيقة الصوم، فلا يخاطب به من لم يكن عليه خطاب الأَصل، وقيل: يجب وهو الصحيح، لما ثبت مِنْ أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم بالإِمساك فِيمَنْ أَكل في يوم عاشوراء حين كان واجباً.

(ويُتِمُّ مُقِيمٌ سافر) ترجيحاً لجانب الإِقامة ولِوُقوعِ الالتزام وحصول سبب الوجوب، (ولو أَفْطَرَ لا كَفَّارَةَ عليه) لقيام شبهة المبيح.

(وجُنُونُ كُلِّ الشَّهْرِ يُسْقِط) وجوبَه، وفي نسخة: مسقط، وإِغماءُ كُلِّ الشهر لا يُسْقِطُ وُجُوبَه، والفَرْقُ أَنَّ الجنون يمتد شهراً عادة، فيتحقق الحَرَج في وجوبه، والإِغماء لا يمتد عادة، ولا حرج في وجوبه (لا البَعْضِ) بالجرِّ أَي لا يُسْقِطُ جنونُ بعضِ الشهرِ وجوبَ صوم الشهر، سواء كان الجنون أَصلياً بأَن بلغ مجنوناً، أَوْ عارضياً بأَن بلغ مُفِيقاً ثم جُنَّ لوجود سبب وجوب الشَّهْرِ كُلِّه وهو شُهُودُ بَعْضِ الشَّهرِ، إِذْ لو كان السَّبَبُ شُهُودَ جميع الشهر لَوَقَعَ صوم رمضان في شوال.

وعن محمد أَنَّ المجنون الأَصلي كالصبي، واختاره بعض المتأَخرين.

(وإِنْ أُغمِيَ أَياماً قَضَاهَا) لأَنَّ الإِغماء مَرَضٌ فيكون عذراً في التأْخير لا في الإِسقاط (إِلاَّ يوماً) الظاهر أَنه (نواه) وإِنَّما حملنا كلامه على هذا، لأَن عبارة «الوقاية»: إِلاَّ يوماً حَدَثَ الإِغماءُ فيه، أَوْ في ليلته. وفي «شرحها»: لأَن الظاهر أَنَّه نوى صوم ذلك اليوم، وهذا إِذا لم يَذْكُر أَنَّه نوى أَمْ لا، وأَمَّا إِذا علم أَنَّه نَوَى فلا شك في الصحة، وإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>