للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ السَّرِقةِ

هِيَ أَخْذُ مُكَلَّفٍ خُفْيَةً قَدْرَ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ مَضْرُوْبَة، مَمْلُوْكًا مُحْرَزًا، بِلا شُبْهَةٍ بِمَكَانٍ أَوْ حَافِظٍ

===

كتاب السَّرِقَةِ

هي لغةً: أَخذ الشيء من الغير على وجه الخُفْيَة، ومنه قوله تعالى: {إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ} (١) . وشرعاً: (هِيَ أَخْذُ مُكَلَّفٍ) أَي عاقلٍ بالغ (خُفْيَةً) في الابتداء والانتهاء إِذا كان الأخذ نهاراً، وفي الابتداء لا غير إِذا كان ليلاً حتّى لو دخل بالليل خُفْيةً وأَخذ المال مجاهرةً يقطع، لأن اعتبار الخُفْيَة بالليل في الانتهاء يؤدي إِلى عدم القطع في أَكثر السرقات الليلية، إِذْ أَكثرها تصير مقاتَلَة في الانتهاء، بخلاف النّهار في المِصْر، لأن الغَوْث يلحقه فيه، وما بين العِشاءين كالنهار في الأصحّ (قَدْرَ عَشْرَةِ دَرَاهِمٍ مَضْرُوْبَةٍ) جيدة في الأصح. وروى الحسن عن أَبي حنيفة رحمه الله: أَنْ المضروب وغير المضروب سواءٌ، ويعتبر وزن كل عشرة سبع مثاقيل (٢) كما في الزكاة، أَوْ ما يبلغ قيمته وزن عشرة دراهم بقول رجلين عدلين، لأنه من باب الحدود.

(مَمْلُوْكَاً) ذلك القدر، احترازٌ عن نحو حصير المسجد وأَستار الكعبة ممّا ليس بمملوكٍ للعباد، ولا بدّ من قيد لا شركة له فيه ولا شبهة. (مُحْرَزَاً) أَي محفوظاً، احترازاً عن نحو باب الدّار والزرع الذي لم يحصد. (بِلَا شُبْهَةٍ) احترازٌ عن المُحْرَز المصاحب لشبهة، كالمأْخوذ من بيت ذي الرَّحِم المَحْرَم (بِمَكَانٍ) سواء أَمكن الدُّخول فيه كالبيت والدَّار والخيمة أَوْ لا كالجُوالِق (٣) .

(أَوْ حَافِظٍ) كالجالس عند ماله في الطريق أَوْ في المسجد، حتى لو سرق شيئاً من تحت رأَس نائم في الصحراء أَوْ في المسجد يقطع. وقال الحسن وداود وابن بنت الشافعيّ: ليس للسرقة نصابٌ مقدّرٌ لإطلاق الآية، ولما روى الشيخان عن أَبي هُرَيْرَة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله السارق يسرقُ البيضةَ فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده».

وأُجيب عن الآية بأَنها مقيّدة بالنصاب كما هي مقيّدة بالمال، وبأَنّ الحديث


(١) سورة الحجر، الآية: (١٨).
(٢) المِثْقَال: من وحدات الوزن، ويختلف مثقال الذهب عن مثقال الأشياء الأخرى. فمثقال الذهب= ٧٢ حبة= ٤.٢٤ غرامًا ومثقال الأشياء الأخرى= ٨٠ حبة= ٤.٥ غرامًا. معجم لغة الفقهاء ص ٤٠٤.
(٣) الجُوالِق: وعاءٌ من صوف أَو شعر أَو غيرهما، وهو عند العامة: شُوال. المعجم الوسيط ص ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>