للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال فيه البخاري: قال الأعمش: كانوا يَرَوْن أَنه بيض الحديد، والحبل كانوا يروْن أَنْ منه ما يساوي دراهم. وقال مالك وأَحمد: نصاب السرقة ربع دينارٍ، أَوْ ثلاثة دراهمٍ. وقال الشافعيّ والأوزاعي والليث: ربع دينارٍ لِمَا روى الشيخان عن عائشة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أَنه قال: «لا تقطع يد السارق إِلاّ في ربع دينارٍ فصاعداً». لكن قال مالك وأَحمد: الثلاثة دراهم قدر ربع دينار، لأن صرف الدينار على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان باثني عشر درهماً، ولما في «الصحيحين» عن ابن عمر: أَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع سارقاً في مِجَنَ (١) قيمته ثلاثة دراهم.

وفي «الموطأ» من حديث عَمْرة ابنة عبد الرحمن: أَنْ سارقاً سرق في زمن عثمان بن عفَّان أُتْرُجَّة (٢) ، فأَمر بها عثمان فقُوِّمت بثلاثة دراهمٍ من صرف اثني عشر درهماً بدينارٍ، فقطع عثمان يده. قال مالك: أَحبّ ما يجب فيه القطع إِلى ثلاثة دراهم سواء اتَّضع الصرف أَوْ ارتفع، وذلك لأنه عليه الصلاة والسلام قطع في مِجَنّ قيمته ثلاثة دراهم، وقطع عثمان في أُتْرُجَّة قيمتها ثلاثة دراهم، وهذا أَحب ما سمعته.

وفي «مسند أَحمد» عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال: «اقطعوا في ربع دينارٍ، ولا تقطعوا فيما هو أَدنى من ذلك». فكان ربع الدينار يومئذٍ ثلاثة دراهم، والدينار اثني عشر درهماً. ولنا ما روى الطَّبَرَاني قال: حدَّثنا محمد بن نوح بن حرب: حدَّثنا خالد ابن مِهْرَان: حدثنا أَبو مُطِيْع البَلْخِيّ، عن أَبي حنيفة ـ رحمه الله ـ، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن (أَبيه، عن) (٣) عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال: «لا قطع إِلاَّ في عشرة دراهمٍ».

وما أَخرجه الطَّحَاوِي في «شرح الآثار» عن أَمْ أَيمن أَنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تُقْطَعُ يد السارق إِلاَّ في حَجَفَة» أَي مِجَنَّة كما في نسخةٍ، وقوِّمت يومئذٍ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدينارٍ أَوْ عشرة دراهم.

ورواه الطَّبَرَانِيّ في «معجمه» أَيضاً. وهو حديثٌ إِمّا منقطعٌ أَوْ مرسلٌ، ولكنه يتقوَّى بغيره من الأحاديث المرفوعة والموقوفة، فمن المرفوعة: ما أَخرجه أَبو داود في «سننه» من حديث عطاء، عن ابن عباس قال: قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم يد رجلٍ في مِجَنَ


(١) المِجَنُّ: هو التُّرْس. النهاية ١/ ٣٠٨.
(٢) الأُتْرُجَّة: ثمر - فاكهة - كالليمون الكبار، وهو ذهبي اللون، ذكي الرائحة، حامض الماء. المعجم الوسيط ص ٤.
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط و "المعجم الأوسط" ٧/ ١٩٨، رقم ٧١٤٢. فاستدركناه من المطبوع، و "نصب الراية" ٣/ ٣٥٩، و"الدراية" ٢/ ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>