للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحُكْمُهُ الإِثْمُ لِمَنْ عَلِمَ، وَرَدُّ العَيْنِ قَائِمَةً، والغُرْمُ هَالِكَةً.

ويَجب المِثْلُ في المِثْلِيِّ، كالمَكِيل، والمَوْزُونِ، والعَدَديِّ المُتَقَارِبِ. فإِن انْقَطَعَ المِثْلُ فَقِيْمَتُهُ يَوْمَ يَخْتَصِمَان، وفي غَيْرِ المِثْلِيِّ قِيْمَتُهُ يَوْمَ الغَصْبِ، كالعَدَدِي المُتَفَاوِت.

فإِن ادَّعَى الهَلَاكَ حُبِسَ حتى

===

بخلاف استخدام العبد، والحمل على الدابة، فإِنه بالتصرف فيهما أَثبت يده عليهما، وذلك موجِبٌ لِقَصْر يد مالكهما عنهما.

(حُكْم الغَصْب)

(وحُكْمُهُ) أَي الغَصْب (الإِثْمُ لِمَنْ عَلِمَ) أَنْ ذلك الفعل غَصْب وأَقدم عليه بإِجماع الأُمة (وَرَدُّ العَيْنِ) في مكان غَصْبِهِ حال كونها (قَائِمَةً، والغُرْمُ) حال كونها (هَالِكَةً) لِمَنْ علم. ولِمَنْ لا يعلم: بأَن ظَنَّ أَنَّ المأخوذ مالُه، أَوْ اشترى عَيْنَاً فاسْتُحِقَّت، لأَن هذا حق العبد، وهو لا يتوقف على العلم والقصد بالإِجماع. أَما رَدُّ العين، فلقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يَحِلُ لأَحدٍ أَنْ يَأخذَ متاعَ أَخِيْهِ لاعِبَاً، أَوْ جَادّاً، فإِنْ أَخَذَهُ فَلْيَرُدَّهُ إِليه» (١) . ولقوله صلى الله عليه وسلم: «على اليد ما أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَه» (٢) . وأَما غُرْمه، فلأَنه يقوم مقام عينه عند العجز عنها، فإِن نقص ضَمِن اعتباراً للجزء بالكل.

(ويَجب) على الغاصب إِذا عَجَز عن رَدّ العين المغصوبة بِهلاكها في يده بفعله أَوْ بفعل غيره (المِثْلُ في المِثْلِيِّ، كالمَكِيل، والمَوْزُونِ، والعَدَدي المُتَقَارِبِ) لقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ ما اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (٣) . وقال زفر: عليه ضمان قيمته.

(فإِن انْقَطَعَ المِثْلُ) عن أَيدي الناس بانتهائه، كالرُّطَب ونحوه، (فَقِيْمَتُهُ) تَجِبُ (يَوْمَ يَخْتَصِمَان) عند أَبي حنيفة ومالك رحمهما الله تعالى وبعض أَصحاب الشافعي. وقال أَبو يوسف رحمه الله تعالى: يوم الغَصْب. وقال محمد: يوم الانقطاع. وبه قال أَحمد وبعض أَصحاب الشافعي رحمه الله تعالى (وفي غَيْرِ المِثْلِي) تجب (قِيْمَتُهُ يَوْمَ الغَصْبِ، كالعَدَدِي المُتَفَاوِتِ) والثياب والدَّواب.

(فإِن ادَّعَى) الغاصب (الهَلَاكَ حُبِسَ) لأن الهلاك لِعَارِضٍ، والأَصل عَدَمُهُ (حتى


(١) أَخرجه الإمام أَبو داود في سننه ٥/ ٢٧٣، كتاب الأَدب (٤٠)، باب مَنْ يأخذ الشيء على المزاح (٨٥)، رقم (٥٠٠٣).
(٢) تقدم تخريجه ص ٤٥٤، التعليقة رقم (١).
(٣) سورة البقرة، الآية: (١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>