للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا المُوَقَّتِ.

===

فقال: مهلاً يا ابن عباس، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها يوم خيبر، وعن لحوم الحُمُر الإنْسِيَّة.

وأما قول صاحب «الهداية»: قال مالك: هو جائز، لأنه كان مباحاً فيبقى إلى أن يظهر ناسخه، قلنا: ثبت النسخ بإجماع الصحابة، وابن عباس صَحَّ رجوعه إلى قولهم: فتقرَّرَ الإجماعُ. فما نَقَلَهُ عن مالكٍ ليس مَذْهَبَهُ. وقوله: ثبت النسخ بإجماع الصحابة، فيه أن النسخَ لا يَثبت بالإجماع، وقد ثبت نسخُ نكاح المُتْعَةِ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير نِزَاع ولا عبرة بمخالفة الشيعة من أهل الابتداع.

(حكم النكاح الموقَّت)

(وَلا) يصح نكاح (المُوَقَّتِ) وهو نكاح إلى مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ طويلة أو قصيرة، وهو مختار شمس الأئمة، وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه إذا ذكر مُدَّةً لا يعيش مِثْلُهما إليها صح النكاح، وهذا مختار صاحب «المختلف». وقال زُفَر: يصح النكاح، ويَبْطُلُ التوقيت، لأن معنى النكاح إسقاط حرمة البُضْع (١) ، والإسقاط لا يَبْطُل بالشروط الفاسدة، فصار كما لو تَزَوَّجها بشرط أنْ يُطَلِّقها بعد شهر.

ولنا أن نكاح المُوَقَّت في معنى نكاح المُتْعة، (فلا يصح، كما لا يَصِح نِكاح) (٢) المُتْعَةِ، إذ العبرة للمعاني، ألا ترى أنه إذا قال: جعلتُكَ وكيلاً بعد موتي، فإنه يكون وَصِيًّا، ولو قال: جعلتُك وَصِيًّا في حياتي يكون وكيلاً، وكذا الحَوَالة بشرط بقاء الدَّين على الأصيل كفالةٌ، والكفالةُ بشرط براءة الأصيل حَوَالةٌ. ويؤيد هذا ما رُوي عن عمر أنه قال: لا أرى برجل تَزَوَّج امرأةً إلى أَجَلٍ إلا رجمته.

وأما إذا تَزَوَّج بشرط أن يُطَلِّقَ بعد شهر، فقد اشترطَ القاطِعَ للنكاح بعد شهر، وذلك يَدُلُّ على انعقاد النكاح مؤبَّداً، ولو تزوجها على أن يَقْعُدَ معها في النهار دون الليل أو بالعكس، أو تزوَّجها ناوياً أن يَقْعُدَ معها مدةً ولم يَتَلَفَّظ بذلك في صُلْبِ العقد فالنكاح صحيح.


(١) البُضْعُ: الجِماع، وبُضْع المرأة: فَرْجُها. معجم لغة الفقهاء ص ١٠٨.
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>