للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتاب الحُدُود

والحدُّ عقوبة مُقَدَّرَةٌ، تَجِبُ حقًّا لله تعالى. فلا تعزيز ولا قِصَاصَ حَدًّا.

والزِّنَا وَطْءٌ في قُبُلٍ خالٍ عن مِلكٍ

===

كتاب الحُدُوْد

(الحدُّ) لغةً: المنع. ويُسمى التعريفُ الجَامِعُ المانعُ حداً لأنه يجمعُ معاني (١) الشيءَ ويمنعُ دخولَ غيرِهِ فيه. وشرعاً: (عقوبةٌ مقدرةٌ تجبُ حقاً لله تعالى) لأنها تمنعُ من ارتكابِ أَسبابها. وحدود الله أَيضاً محارِمُهُ، لأن العبادَ ممنوعون من اقترابها، قال الله تعالى: ({تلك حدودُ افلا تَقْرَبُوُهَا} (٢) ، وهي أَيضاً أَحكامه، لأنها تمنع من التجاوز عنها، قال عز وجل:) (٣) {تلك حدودُ اللَّهِ فلا تَعْتَدُوها} (٤) .

وإِنما كان الحدُ حقاً لله لأنه شُرِعَ لمصلحةٍ تعود إِلى الناس كافة، فحدُّ الزنا لحفظِ الأنساب، وحدُّ القذْفِ لحفظ الأعراضِ، وحدُّ السرقة لحفظِ الأموال.

والمقصودُ الأصليُ من شَرْعِ الحدِّ هو انزجارُ النفوسِ عن شهواتِهَا غير الشرعية، والردعُ عما يتضررُ به العباد، وصيانة دار الإسلام عن الفساد.

وأَما الطُّهْر عن الذنب فليس بحكمٍ أَصلي لإقامة الحدِّ، لأنه لا يحصل إِلا بالتوبة. قال الله تعالى في حق قُطَّاعِ الطريق: {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ في الدُّنْيَا ولَهُمْ في الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيْمٌ إِلاَّ الّذِيْنَ تَابُوا من قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عليهم فاعْلَمُوا أَنّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيْمٌ} (٥) ، ولهذا يُقام الحدُّ على الكافر، ولا طُهْرَ له، وعلى كُرْهٍ ممن أُقيم عليه.

(فلا) (تعزيزَ ولا قصاصَ حداً) أَما التعزيز (٦) فلعدم التقدير، وأَما القصاص فلأنه يجب حقاً للعبد، ولهذا أَجاز العفو عنه والاعتياض منه.

(والزنا) أَي الموجِب للحد، وهو بالقصر وقد يمد (وطءٌ في قُبُلٍ خالٍ عن ملكٍ


(١) في المطبوع: "ما في" بدل "معاني".
(٢) سورة البقرة، الآية: (١٨٧).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.
(٤) سورة البقرة، الآية: (٢٢٩).
(٥) سورة المائدة، الآيتان: (٣٣ و ٣٤).
(٦) التعزير: ما يقدّره القاضي من العقوبة على جريمة لم يرد في الشرع عقوبةٌ مقدرة عليها. معجم لغة الفقهاء ص ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>