للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ المُضَارَبَةِ

هِي عَقْدُ شَرِكَةٍ في الرِّبْحِ بِمَالٍ مِنْ رَجُلٍ وعَمَلٍ مِن آخَرَ

===

كتاب المُضاربة

(هِي) لغةً: مفاعلةٌ من الضَّرْب في الأَرض بمعنى (١) السير (فيها) (٢) ، قال الله تعالى: {وآخَرُوْنَ يَضْرِبُونَ في الأَرْضِ يَبْتَغُوْنَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} (٣) أَي يسافرون للتجارة ونحوها، سُمِّي بها لأَن العامل فيها يسير في الأَرض غالباً لطلب الربح، ولأَن المضارِب يستحق (الرِّبح) (٤) لِسَعْيهِ وعمله، فهو شريكٌ في الربح، ورأَسُ ماله الضَّرْبُ في الأَرض والتصرف. وأَهْلُ المدينةِ يُسَمُّون هذا العقد مقارضةً من القَرْض بمعنى القَطْع، فصاحب المال قَطَع قَدْراً من ماله عن تَصَرُّفه، وجعل التصرف فيه إِلى العامل بهذا العقد، فَسُمِّي به.

وشرعاً: (عَقْدُ شَرِكَةٍ في الرِّبْحِ بِمَالٍ مِنْ رَجُلٍ وعَمَلٍ مِنْ آخَرَ).

[(مشروعية المضاربة)]

وهي مشروعةٌ بإِطلاق الآية لأَن سفر الإِنسان للتجارة قد يكون بمالِ نفسه وقد يكون بمال غيره. ولأَن من الناس من هو صاحب مال ولا يهتدي إِلى التصرف، ومنهم مَنْ هو بالعكس، فشُرعت المضاربة لانتظام مصالح الناس. وقد بُعِث النبيُّ صلى الله عليه وسلم والناس يتعاملون بها فأَقَرَّهم عليها. وبالسُنَّة، وهي ما روى ابن ماجه مرفوعاً: «ثلاثٌ فيهنَّ البَّرَكَةُ: البيعُ إِلى أَجَل، والمُقَارَضَةُ، وخَلْطُ البُرِّ بالشَّعِيْر، لِلْبَيْتِ لا للبَيْعِ».

ولعمل الصحابة. وهو ما روى مالك في «الموطأ»: أَنَّ عبد الله وعبيد الله ابنَي عمر بن الخطاب خرجا إِلى العراق، فأَعطاهُما أَبو موسى الأَشعري من مال الله، على أَنْ يبتاعا به متاعاً ويبيعاه بالمدينة ويؤديا رأَس المال لأَمير المؤمنين والربح لهما، فلما قَدِما المدينةَ رَبِحَا، فقال عمر: أَكُلّ الجيشِ أَسْلَفَهُ كما أَسْلَفَكُمَا؟ فقالا: لا، فقال: ابنا


(١) في المطبوع: يعني، وما أثبتناه من المخطوط.
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٣) سورة المزمّل، الآية: (٢٠).
(٤) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>