للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو أَحْرَمَ صَبِيٌّ فَبَلَغَ، أَوْ عَبْدٌ فعَتَقَ لم يُؤَدِّ فَرْضَه، ولَوْ جَدَّدَ الصَّبِيُّ إِحْرَامَهُ للفَرْضِ صَحَّ، لا لِلْعَبْدِ.

وفَرْضُهُ: الإِحْرَامُ،

===

حلَّ، وعليه الحج من قابل» (١) . وهذا بناء على أَنَّ لفظ «قابل» متعارف في السَّنَّة الآتية التي تلي هذه السَّنَّة.

والحاصل: أَنْ حقيقة دليل وجوب الفور هو الاحتياط، فلا يدفعه أَنَّ مقتضى الأَمر المطلق جواز التأْخير بشرط عدم التفويت.

(ولو أَحْرَمَ صَبِيٌّ فَبَلَغَ، أَوْ عَبْدٌ فعَتَقَ) فمضى الصبي أَوْ العبد (لم يُؤَدِّ فَرْضَه) لأَن إِحرامه انعقد للنفل فلا يَسْقُطُ به الفرض (٢) . فإِنْ قيل: الإِحرام، شرط في الحج، والوضوء، شرط في الصلاة، فكان ينبغي أَنْ يجوز أَداء فرض الحج بإِحرام قبل البلوغ، كما يجوز أَداء فرض الصلاة بوضوء قبله، فالجواب أَنَّ الإِحرام إِنَّما يتحقق بنية الحج، وبها يصير شارعاً في أَفعاله من غير تجديد نيّة له، بخلاف الوضوء، فإِنه يتحقق قبل الشروع في الصلاة، وقد يُجَابُ بِأَنَّ الإِحرام شرط يشبه الركن من حيث إِمكانُ اتصال الأَداء به، فاعتبرنا شَبَهَ الركن فيما نحن فيه احتياطاً للعبادة.

(ولَوْ جَدَّدَ الصَّبِيُّ) بعد البلوغ (إِحْرَامَهُ للفَرْضِ) قبل مُضِيّ وقت الوقوف بعرفة (صَحَّ،) إِحْرَامُه (لا لِلْعَبْدِ)، أَي لا يَصِحُّ تجديد إِحرامه له بعد العتق. والفَرْق أَنَّ إِحرام الصبي غير لازم لعدم أَهليته، ولذا لو أُحْصِر الصبي وتَحَلَّلَ لا دَمَ عليه ولا قضاء، وكذا لا جزاء عليه لارتكاب المحظورات كما صرّح به ابن الهُمَام، فيمكنه الخروج عن الإِحرام بالشروع في غيره، وإِحرام العبد لازم فلا يمكنه الخروج إِلاَّ بالإِتمام. وفي «المبسوط»: ولو أَحرم صبي وهو يعقل، أَوْ أَحرم عنه أَبوه صار مُحْرِماً، يعني فينبغي أَنْ يُجَرِّدَه ويُلبِسه إِزاراً ورداء.

(فُروض الحَجِّ)

(وفَرْضُهُ) أَي فرض الحج، وهو ما لا بُدَّ منه شرطاً أَوْ ركناً (الإِحْرَامُ) بإِجماع الأُمّة، ولأَن كل عبادة لها تحليل فلها إِحرام كالصلاة، وهو عندنا شرط الأَداء لا ركنٌ، كما قال مالك والشافعي، لأَنه يدوم إِلى الحَلْقِ، ولا يَنْتَقِلُ عنه إِلى غيره، ويجامع كلَّ


(١) سنن أبي داود: ٢/ ٤٣٣ - ٤٣٤، كتاب المناسك (١١)، باب الإِحصار (٤١)، رقم (١٨٦٢).
(٢) في المطبوعة: بالفرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>