للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتاب الحَوَالة

هِي إِثْبَاتُ دَيْنٍ عَلَى آخَرَ، مَعَ عَدَمِ الدَّيْنِ عَلَى المُحِيلِ بَعْدَهُ. فَهِي بِشَرْطِ عَدَمِ بَرَاءَتِهِ كَفَالَةٌ، وهَذِهِ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الأَصِيلِ حَوَالَةٌ.

وتَصِحُّ بِلا دَينٍ للمُحْتَالِ على المُحِيلِ، وبِهِ،

===

كتاب الحَوَالة

(هِي) لغةً: اسم من الإِحالة، وأَصل تركيبها يدل على الزوال والنقل، ومنه التحويل: وهو نَقْل الشيءِ من محل إِلى محل. قال الله تعالى: {لا يَبْغُوْنَ عَنْهَا حِوَلَا} (١) .

وشرعاً: (إِثْبَاتُ دَيْنٍ عَلَى آخَرَ مَعَ عَدَمِ) ذلك (الدَّيْنِ) أَي مع نفي بقائه (عَلَى المُحِيْلِ بَعْدَهُ) أَي بعد ذلك الإثْبَاتِ. وقيل: الحَوَالَةُ نَقْلُ الدَّيْن مِنْ ذِمةٍ إِلى ذِمَةٍ، وهو الأَظهر الأَخصر. والأَصْلُ فيها الإِجْماع (٢) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «مَطْلُ الغني ظُلْم، ومَنْ أُحِيْلَ على مليء ـ أَي ثِقة غني ـ فَلْيَحِلْ ـ أَي فليقبل الحَوالة» ـ. رواه أَحمد، وابن أَبي شيبة من حديث أَبي هريرة. ورواه الشيخان بِلَفْظِ: وإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكْم على مليء فليتبع». ورواه أَحمد عن ابن عمر أَيضاً، ولفظه: «مَطْلُ الغني ظلم، وإِذا أُحِلْتَ على مليء فاتْبَعْهُ». وهذا الأَمر للنَّدْبِ عند أَكثر أَهْل العلم، وعند أَحمد للوجوب.

(فَهِي) أَي الحَوَالة (بِشَرْطِ عَدَمِ بَرَاءَتِهِ) أَي براءة المُحِيل (كَفَالَةٌ،) لأَن ذلك معنى الكفالة. والعبرة للمعاني دون المباني، فله أَنْ يطالِب المُحِيل (وهَذِهِ) أَي الكفالة (بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الأَصِيْلِ حَوَالَةٌ) لأَن ذلك معنى الحَوَالة، فليس له أَنْ يطالب الأَصِيل.

(وتَصِحُّ) الحَوَالة (بِلَا دَينٍ للمُحْتَالِ على المُحِيْلِ) فإِن قيل: كيف يصح هذا والحَوَالة لا بُدَّ فيها مِنْ الدَّيْن، لأَنه مأخوذٌ في تعريفها، ولا يكون دَيْن المُحِيْل على المُحَال عليه، لأَنَّ الحَوالة توجد بدونه، كالحَوالة بدراهم وديعة للمحيل عند المحال عليه فيكون دين المُحَال على المُحِيل؟ أُجيب بأَنه يصح أَنْ يكون المُحْتَال وكيلَ رَبِّ الدَّيْن أَوْ رسوله، ويجوز أَنْ يكون في كلام المصنف مضافٌ مُقَدَّر، أَي «بِلا ذِكْر دَيْن».

(و) تصح (بِهِ) أَي بِدَيْنٍ للمُحْتَال على المُحِيل (بأَنْ يكون المحتال ربّ


(١) سورة الكهف، الآية: (١٠٨).
(٢) الأَولى أَن يقول: الأَصل فيها قوله تعالى: ....

<<  <  ج: ص:  >  >>