للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبرِضَاهُمَا وَرِضى المُحْتَالِ عَلَيهِ. فَيَبْرَأُ المُحِيلُ مِن الدَّيْنِ، إِلَّا أَنْ يَتْوَى بِمَوْتِ المُحْتَالِ عَلَيه مُفْلِسًا، أَو حَلِفِهِ مُنْكِرَ الحَوَالَةِ لا بَينَةَ عَلَيهَا

===

الدَّين، أَوْ بِذِكْر دَيْن للمحتال على المُحِيْل) (١) . وفي «الينابيع»: ويشترط في المُحال به أَنْ يكون ديناً، (وأَن يكون) (٢) لازماً، فلا تصح بَبَدلِ الكِتَابة وما يجري مجراه، لأَنه دينٌ تسميةً لا حقيقةً. وأَما وجوب الدَّيْن على المُحِيل قبل الحَوَالة فليس بِشَرْطٍ لصحة الحَوَالة.

(و) تصح الحَوَالة (بِرِضَاهُمَا) أَي المُحْتَال والمُحِيْل (وَرِضَى المُحْتَالِ عَلَيْهِ) سواء كان عليه دَيْن للمُحِيل أَمْ لا. أَما المُحْتَال فلأَن الدَّيْن حَقُّه، والذمم مُتفاوتةٌ، فلا بُدَّ من رضاه. وأَما المُحْتال عليه فَلأَنَّ الدَّيْن يلزمه، فلا بد مِنْ التزامه. والأَصح في مذهب الشافعي أَنْ لا حاجة إِلى رِضَاه إِذا كان المُحَال به دَيْن المُحِيل، وهو قول مالك وأَحمد، لأَن الحق للمُحِيل فله أَنْ يَسْتَوفيه بنفسه وبغيره.

وأَما المُحِيل ـ وهو المديون ـ فيشترط رِضاه لصحَّةِ الحَوالة على ما ذكره القُدُوري، ولا يشترط لصحتها على ما في «الزيادات»، وإِنما يشترط للرجوع عليه، أَوْ لسقوط دَيْنه على المحتال عليه، لأَن الحوالة فيها نَفْعُه وهو سقوط ما عليه من الدَّين، فصار كالمكفول عنه، حيث تصح الكَفالة بلا رضاه. ووجه الأَوَّل ـ وهو قول مالك والشافعي ـ أَنَّ للمحيل إِيفاءَ الحقِّ من حيث شاء، ولا يتعين عليه شيءٌ من الجهات، وفي صحة الحَوالة بدون رضاه يتعين ذلك عليه قَهْراً.

(فَيَبْرَأُ المُحِيْلُ مِنْ الدَّيْنِ) إِذا تَمَّ عَقْدُ الحَوَالة عند عامة العلماء. وقال زُفر: لا يبرأُ اعتباراً بالكفالة، إِذْ كل واحدٍ منهما عقد تَوَثُّقٍ بحق المطالبة. ولنا أَنَّ الأَحكام الشرعية ثبتت على وَفْق المعاني اللغوية، ومعنى الحوالة في اللغة: النقل. وهو يستدعي زوال المنقول عن المحل المنقول منه، فيكون معناها الشرعي زوالَ الدَّين عن ذمة المحيل. وقيل: يبرأُ المُحيل من المطالبة دون الدين.

(إِلاَّ أَنْ يَتْوَى) ـ على زنة يَسْعَى ـ أَي يَهْلِك دَيْن المحتال، فلا يبرأ المُحيل بتمام عقد الحَوالة، وذلك (بِمَوْتِ المُحْتَالِ عَلَيه مُفْلِسَاً) بأَنْ لم يترك مالاً، ولا دَيناً على أَحد، ولا كفيلاً (أَوْ حَلِفِهِ) أَي بيمين المحتال عليه حال كونه (مُنْكِرَ الحَوَالَةِ) حال كونه (لا بَيِّنَةَ عَلَيْهَا) وفي نسخة: ولا بينة عليها للمحتال، ولا للمحيل، لأَن هلاك دينِ المحتال يتحقق بكلِّ واحدٍ من الموت والحَلِف المذكورَيْن.


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>