للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ في صَلاةِ الكُسُوفِ والخُسوفِ والاسْتِسْقَاءِ

عِنْدَ الكسُوفِ يُصَلِّي إمَامُ الجمُعَةِ بالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ

===

يوتر بجماعة، لأن الصحابة لم يجتمعوا على الوتر بجماعة في رمضان كاجتماعهم على التراويح، لأن عمر رَضِيَ الله عنه كان يؤمهم فيه في رمضان، وأُبَيّ بن كعب ما كان يؤمّهم فيه. والجواب ما قدمناه في حديث ابن حِبَّان: «أنه صلى الله عليه وسلم صلّى بهم وأوتر في رمضان، وبَيَّنَ العذر في تأخيره، وأن الخلفاء الراشدين فعلوه». وإنَّ مَنْ تأخَّر عن الجماعة فيه وأحبَّ أن يُصَلِّي آخر الليل، فإنه أفضل كما قال عمر: «والتي ينامون عنها أفضل». وعُلِمَ قوله عليه الصلاة والسلام: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً» (١) . فأخَّرَه لذلك، والجماعة فيه إذ ذاك متعذرة، فلا يدل ذلك على أن الأفضل فيه ترك الجماعة لمن أحب أن يُوتِرَ أول الليل. كما يُفْهَم من إطلاق اختيارهم.

فصلٌ في صَلَاةِ الكُسُوفِ والخُسُوفِ والاسْتِسْقَاءِ

(عِنْدَ الكُسُوفِ) وهو تغيُّر الشمس إلى السواد، والخسوف لغةٌ فيه. قال المُنْذِرِي: روى حديث الكسوف تسعة عشر نَفْساً: بعضهم بالكاف، وبعضهم بالخاء، وبعضهم باللفظين جميعاً، أي فهما مترادفان. أو الكسوف مُخْتَصٌّ بالشمس، والخُسُوفُ أعم. وقيل: يقال بالكاف للشمس، وبالخاء للقمر. وعليه اصطلاح الفقهاء ويؤيده قوله تعالى: {فإذا بَرِقَ البَصَرُ * وخَسَفَ القَمَرُ} (٢) . وأما ما في «صحيح مسلم» عن عُرْوَة: «لا تقل: كُسِفَت الشمس، ولكن قل: خُسِفَت». فمحمول على رواية في لفظ الحديث.

(يُصَلِّي إمَامُ الجُمُعَةِ بالنَّاسِ) إلحاقاً لها بها. وأجازها مالك والشافعيّ لغيره كسائر الصلاة (رَكْعَتَيْنِ) برُكُوعَيْنِ لا بأربعٍ كما قال الشافعي ومالك. وهو المختار من مذهب أحمد كما في الكتب الستة عن عائشة رَضِيَ الله عنها قالت: «خُسِفَتِ الشمس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إلى المسجد، فقام فكبَّر وصفَّ الناس وراءه، فاقترأ قراءة طويلة، ثم كَبَّر فركع ركوعاً طويلاً، ثم رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد. (ثم قام فاقترأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى، ثم كبَّر فركع ركوعاً طويلاً، ثم رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده ربنا


(١) تقدم تخريجه ص ٣١٩.
(٢) سورة القيامة، الآية: (٧ و ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>