ولا يُتْرَكُ لِكَسَلِ القَوْمِ، ولا يُوَتِرُ بِجَمَاعَةٍ خَارِجَ رَمَضَانَ.
===
على حِدَة، كما جاءت به السُّنَّة:«إنه شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عِتْقٌ من النار». والذي عليه الأكثر ما رواه الحسن عن أبي حنيفة: أنه يقرأ الإمام في كل ركعة عشرَ آيات ونحوها. قيل: وهو الأحسن، لأن السُّنَّة فيها الختم مرة. وما أشار إليه أبو حنيفة بختم القرآن فيها مرة، لأن عدد ركعاتها في جميع الشهر ست مئة، وعدد آي القرآن ستة آلاف وشيء، فإذا قرأ في كل ركعة عشر آيات يحصل الختم فيها. وعن أبي حنيفة: أنه كان يختم إحدى وستين خَتْمَة: في كل يوم خَتْمَة، وفي كل ليلة خَتْمَة، وفي كل التراويح خَتْمَة.
(ولا يُتْرَك) الختم (لِكَسَلِ القَوْمِ) والأفضل تعديل القراءة، فإن خالف فلا بأس.
والصحيح أن إقامتها بجماعة سُنَّة على وجه الكفاية، لأنه تَخَلَّف عنها أفراد من الصحابة والتابعين كابن عمر، وعُرْوَة، والقاسم، وإبراهيم، ونافع، وسالم. وعن أبي يوسف: أنه إن أمكنه أداؤها في بيته مع مراعاة سنة القراءة وأشباهها فليصلها في بيته، إلا أن يكون فقيهاً كبيراً يُقْتَدَى به، لقوله عليه الصلاة والسلام:«صلّوا في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلاَّ المكتوبة»(١) . وأُجيب: بأن قيام رمضان مستثنى من ذلك لِمَا تقَدَّم من فعله عليه الصلاة والسلام، وبيان العذر في تركه، وفعل الخلفاء الراشدين، حتى قال عليّ رَضِيَ الله عنه:«نوَّر الله قبر عمر ـ رضِيَ الله عنه ـ كما نَوَّر مساجدنا». والمبتدعة أنكروا أداءها بالجماعة في المسجد. فأداؤها بالجماعة جُعِلَ شعار السُّنَّة كأداء الفرض بالجماعة شُرِعَ شعار الإسلام.
(ولا يُوَتِرُ بِجَمَاعَةٍ خَارِجَ رَمَضَانَ) أي يوتر الإمام بجماعة في رمضان فقط، وعليه إجماع المسلمين. ولا يوتر بالجماعة خارجه لأنه نفل من وجه، والجماعة في النفل في غير رمضان مكروه. وعن شمس الأئمة: إنّ التطوع بالجماعة إنما يُكْرَه إذا كان على سبيل التَّدَاعي. أما لو اقتدى واحد بواحد، أو اثنان بواحد لا يُكْرَه. وإنْ اقتدى ثلاثة بواحد اخْتُلِفَ فيه. وإنْ اقتدى أربعة بواحد كُرِه اتفاقاً. ثم بعد عدم كراهة الجماعة في رمضان اختلفوا في الأفضل: فقال قاضيخان: الصحيح أن الجماعة أفضل، لأنه لمَّا جازت الجماعة كانت أفضل، لأن ثوابها أكمل.
وقال أبو علي النَّسَفِي: إن علماءنا اختاروا أنْ يوتر في رمضان في منزله ولا
(١) أخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري) ٢/ ٢١٤ - ٢١٥، كتاب الأذان (١٠)، باب صلاة الليل (٨١)، رقم (٧٣١).