للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما لا تَصِحُّ فيهِ الشَّرِكةُ]

ولا تَصحُّ الشَّرِكَةُ في أَخْذِ المُبَاحَاتِ، فَخُصَّتْ بِمَنْ أَخَذَهَا، ونُصِّفَتْ إِنْ أَخَذَاهَا، وللمُعَيِّنِ وصَاحِبِ العُدَّةِ أَجْرُ المِثْل، ولا يُزَاد عَلَى نِصْفِ القِيمَةِ عِنْدَ أَبي يُوْسُفَ، خِلافًا لِمُحَمَّدٍ. والرِّبْحُ في الفَاسِدَةِ عَلَى قَدْرِ المَالِ.

===

(مَا لا تَصحُّ فيهِ الشَّرِكَةُ)

(ولا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ في أَخْذِ المُبَاحَاتِ) كالاحتطاب، والاحتشاش، والاصطياد، والاستقاء، واجتناء الثّمار من الجبال والبوادي، وأَخْذ جواهر المعادن، وأَخْذ الجِصّ (١) والملح من المواضع المباحة، والتقاط السنبلة ونحوها، لأَن الشركة تتضمن الوكالة، والوكيل يملكه بالأَخْذ بدون أَمره، فلا يصح نائباً عنه.

وقال مالك وأَحمد: تصح لأَنها شركة الأَبدان، ولما روى أَبو داود عن ابن مسعود أَنه قال: اشتركت أَنا وسعد (٢) وعَمَّار يَوْمَ بَدْر، فلم أَجاء أَنا وعَمَّار بشيءٍ، وجاء سعدٌ بِأَسِيرَيْن، فأَشْرَك بَيْنَنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم. والجواب أَنْ الغنائم مشتركةٌ بين الغانمين، فلا يصح اختصاص أَحد بسبب الشركة فيها، وتشريكُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بين ابن مسعود وصاحبيه في الأَسيرين يحتمل أَنْ يكون بإِزاء نصيبهم من الغنيمة، لا لعقد الشركة التي وقعت بينهم. وقيل: غنائم بَدْر كانت للنبيّ صلى الله عليه وسلم خاصةً، فله أَنْ يدفعها إِلى مَنْ شاء، فيحتمل أَنْ يكون دَفْعُ الأَسِيْرَيْن لهم لذلك.

(فَخُصَّتْ) المباحات إِذا لم تصحَّ الشَّركة فيها (بِمَنْ أَخَذَهَا) لوجود سبب الاستحقاق منه، (ونُصِّفَتْ إِنْ أَخَذَاهَا) لاستِوائهما في سبب الاستحقاق. (وللمُعَيِّنِ) خبر مقدَّم إِنْ اشتركا في الاحتطاب منه على أَنْ يقطع أَحَدُهما ويجمع الآخر (وصَاحِبِ العُدَّةِ) إِنْ اشتركا في الاستقاء على أَنْ العمل مِنْ أَحَدِهما، والدابة والراوية من الآخَر. (أَجْرُ المِثْل) ـ المبتدأَ (٣) ـ (ولا يُزَاد عَلَى نِصْفِ القِيْمَةِ عِنْدَ أَبي يُوْسُفَ) لأَنه رضي به لرضاه بنصف المسمى، كما لا يزاد على المسمى في الإِجارة الفاسدة (خِلَافَاً لِمُحَمَّدٍ) فإِنه قال: لا بد من أَجر المِثْل، لأَن المُسَمَّى مجهولٌ والرِّضَى بالمجهول لَغْوٌ، فيسقط، وقد استوفى منافعه بعقد فاسد فيكون له أَجْرُ مِثْله بَالِغَاً ما بلغ.

(والرِّبْحُ في) الشركة (الفَاسِدَةِ عَلَى قَدْرِ المَالِ) وإِنْ شرط الفضل، لأَن الربح تَبعٌ للمال فيقدر بقدره.


(١) الجِصّ: ما تطلى به البيوت من الكلس. معجم لغة الفقهاء ص ١٦٤.
(٢) في المطبوع: أبو سعد، والصواب ما أثبتناه لموافقته لسنن أبي داود ٣/ ٦٨١، كتاب البيوع والإجارات (٢٢)، باب في الشركة على غير رأس المال (٢٩) رقم (٣٣٨٨).
(٣) مبتدأ مؤخَّر، خبره تَقدّم عليه، وهو: "للمُعَيِّن".

<<  <  ج: ص:  >  >>