للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهِي أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ:

[شَركَةُ المُفَاوضَة]

مُفَاوَضَةٌ: وهِي شَرِكَةُ مُتَسَاوِيَيْن مَالًا وحُرِّيَّةً ودِيْنًا،

===

أَنا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْن مَا لَمْ يَخُن أَحَدُهُمَا صَاحِبَه، فإِذا خَانَ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا»، أَي تبرأَت عنهما وعن المعاونة معهما. وبإِجماع الأُمة على جوازها. وبالمعقول وهو: أَنها طريق الفضل المشروع بقوله تعالى: {وابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} (١) ، أَي من رزقه، وبالمعاملة مع خَلْقِه.

(وهِي) أَي شركة العقد (أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ:)

(شَركَةُ المُفَاوَضَة)

الأول: (مُفَاوَضَة) مشتقة من التفويض، إِذْ كل واحدٍ منهما يُفَوِّض التصرف إِلى صاحبه على الإِطلاق. (وهِي شَرِكَةُ مُتَسَاوِيَيْن مَالاً) أَي من جهة المال، والمراد مال يصلح لرأْس مال الشركة، كالدراهم والدنانير، بخلاف العُرُوض (٢) والعَقار والدّيون، حيث لا يُشترط (فيه) التساوي، ولا يُعتبر التفاضل فيه.

(وحُرِّيَةً) أَي من جهة الحرية، فلا تنعقد المفاوضة بين حُرَ وعبدٍ، ولا بين عَبْدَين، لأَن العبد لا يملك التصرف. ولو قال: «تَصَرُّفَاً» ـ كما في بعض النُّسَخ ـ بدل حرية، أَوْ زاد (حِلْمَاً) (٣) ـ أَي عَقْلاً، كما في «الوقاية» ـ لكان أَحسن، لأَن المفاوضة لا تنعقد بين صغيرٍ وبالغ، ولا بين صغيرين. وإِنما شَرَط الحرية والبلوغ، لأَن الصبيَّ والعبد لا يملكان التكفل لكونه تبرعاً ابتداءً، وهو شَرْطٌ في هذه الشرِكة.

(ودِيْنَاً) أَي من جهة الدِّين، وهو المِلَّة. فلا تنعقد المفاوضة بين مسلم وكافرٍ، وهذا عند أَبي حنيفة ومحمد، خلافاً لأَبي يوسف. وتنعقد بين الكتابي والمجوسي، لأَن الكُفْر كله مِلَّة واحدة عندنا. وقال مالك، والشافعي، وأَحمد: لا تجوز شركة المفاوضة، وهو القياس، لأَنها تضمنت الوَكَالَة بمجهول الجنس، والكفالةَ


(١) سورة الجمعة، الآية: (١٠).
(٢) العُرُوض: جمع العَرْض، وهي المتاع، وكل شيء فهو عَرْض سوى الدراهم والدنانير فإنها عَيْن.
معجم لغة الفقهاء ص ٣٠٩.
(٣) في المطبوع: حكمًا، وما أَثبتناه من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>