للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْلًا،

===

ولك الحمد) (١) . ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك. فاستكمل أربع ركعات بأربع سجدات، وانجلت الشمس قبل أن ينصرف. ثم قام فخطب الناس فأثْنَى على الله بما هو أهله ثم قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة».

ولنا ما روى البخاري من حديث أبي بَكْرَة قال: «خُسِفَتِ الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج يجر رداءه حتى انتهى إلى المسجد، وثاب (٢) الناس، فصلى بهم ركعتين فانجلت الشمس» (ورواه النَّسائي: «فصلَّى بهم ركعتين كما يُصَلُّون». ورواه ابن حِبَّان: «فصلّى بهم ركعتين، مثل صلاتكم».) (٣) وروى النَّسائي، والترمذي في «الشمائل» والحاكم وصحَّحه، عن عَطَاء بن السَّائِبِ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكد يَرْكع، ثم ركع فلم يكد يرفع، ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم رفع وفعل في الركعة الأخرى مثل ذلك».

وأجيب عن استدلالهم بحديث عائشة بأنه مؤوَّل بما أُوِّلَ به ما روى مسلم عنها، وعن جابر، عن ابن عباس: «أنه عليه الصلاة والسلام صلّى ست ركعات بأربع سجدات». وما روى أيضاً عن ابن عباس وعليّ: «أنه صلّى ثمان ركعات بأربع سجدات». وما روى: أبو داود، عن أُبَيّ بن كعب: «أنه عليه الصلاة والسلام صلّى خمس ركعات في كل ركعة سجدة». قال محمد: وتأويل ذلك أنه عليه الصلاة والسلام لَمَّا أطال الركوع رفع الصفوفُ رؤوسَهم ظنّاً منهم أنه عليه الصلاة والسلام رفع رأسه من الركوع، فرفع مَنْ خلفهم، فَلَمَّا رَأَوْا رسول الله صلى الله عليه وسلم راكعاً، ركعوا فركع مَنْ خلفهم، فمن كان خلفُ ظَنَّ أنه عليه الصلاة والسلام صلّى بأكثر من ركوع. فروى على حسب ما عندَهُ من الاشتباه. ويدل على هذا أنه عليه الصلاة والسلام لم يصلّها بالمدينة إلاَّ مرة واحدة.

(نَفْلاً) أي سنة كما رُوِيَ عن أبي حنيفة. وقال بعض المشايخ: إنَّها واجبة وهو


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٢) ثاب: الأصل في التثويب: أن يجيء الرجل مستصرخًا، فيُلَوِّح بثوبه ليُرَى ويشتهر. النهاية ١/ ٢٢٦.
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>