للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخْفِيًا مُطَوِّلًا قِرَاءَتَهُ فِيهِمَا، ثُمَّ يَدْعُو حَتَّى تَنْجَلِي الشَّمْسُ. وإنْ لَمْ يَحْضُرْ، صَلَّوا فُرَادَى،

===

مختارُ صاحب «الأسرار»، كما في «النهاية». وفيه إشعارٌ بأنه لا يُشْتَرَطُ فيها الأذان والإقامة، وتُؤَدَّى في الوقت المُسْتَحَبِّ لا المكروه.

ولا يَخْطُبُ عندنا فيها بلا خلاف كما في «التُّحْفَة»، و «المحيط»، و «الكافي»، و «الهداية»، وشروحها. ولكن في «النَّظم»: يَخْطُب بعد الصلاة بالاتفاق، ونحوُه في «الخُلَاصة» و «قاضيخان».

(مُخْفِيَاً) أي قارئاً سرّاً عند أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، والليث بن سَعْد، وجمهور الفقهاء. (مُطَوِّلاً قِرَاءَتَهُ فِيهِمَا) أي في الركعتين. وقال (أبو يوسف و) (١) محمد: يجهر بالقراءة فيهما. وهو اختيار الطحاوي، وقول أحمد، لِمَا في «الصحيحين» من حديث عائشة رَضِيَ الله عنها قالت: «جهر النبيُّ صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف». ولأبي حنيفة ما في «الصحيحين» عن ابن عباس قال: «انْخَسَفَتِ الشمس، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناسُ معه، فقام قياماً طويلاً نحواً من سورة البقرة». ولو كانت قراءته صلى الله عليه وسلم فيها مسموعة لذكرها ابن عباس ولم يُقَدِّرْها. وروى أصحاب «السنن» وقال الترمذي: حسن صحيح. عن سَمُرَة بن جُنْدُب قال: «صلى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في كُسُوفٍ لا نسمع له صوتاً».

(ثُمَّ يَدْعُو حَتَّى تَنْجَلِي الشَّمْسُ) ولا يَخْطُب. (وقال مالك: يُذَكِّرُ الناس من غير خُطبة مرتبة. وقال الشافعي: يَخْطُب) (٢) خُطبتين بعد الصلاة خلافاً لحديث عائشة (٣) . ولنا: أنه صلى الله عليه وسلم أمر بالصلاة حيث قال: «فإذا رأيتموها فافزعوا إلى الصلاة (٤) »، ولم يأمر بالخُطْبة. ولو كانت الخُطْبَة مشروعة لبيّنها عليه الصلاة والسلام. وخطبته عليه الصلاة والسلام إنما كانت لرد قول من قال: إن الشمس كُسِفَت لموت إبراهيم ابن النبيّ صلى الله عليه وسلم وقوله: ثم يدعو يقتضي تأخير الدعاء عن الصلاة، وهو السّنَّة لِمَا روى الترمذي في كتاب الدعوات، وحسَّنه عن أبي أُمَامَة قيل: «يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال: جوف الليل الأخير، ودُبُرِ الصلاة المكتوبة».

(وإنْ لَمْ يَحْضُرْ) إمامُ الجمعة (صَلَّوا فُرَادَى) تحرزاً عن الفتنة، لأنها تقام بجمع


(١) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٣) مَرَّ قريبًا فيما يرويه عنها أصحاب الكتب الستة.
(٤) مَرّ قريبًا من حديث عائشة رضي الله عنها، فيما يرويه عنها أصحاب الكتب الستة.

<<  <  ج: ص:  >  >>