فالأَوَّلُ كَبَيعٍ، إِن وقع عن مالٍ بمالٍ ففيه الشُّفْعَةُ والخِياراتُ، ويُفْسِدُهُ جهالةُ البَدَلِ.
وما استُحِقَّ مِنَ المُدَّعَى، رَدَّ المُدَّعي حِصَتَّه من العِوَضِ، وما استُحِقَّ من البَدَلِ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ من المُدَّعَى. وكإجارة إِنْ وَقَعَ عن مالٍ بمنفعة، فيُشترطُ التَّوقِيتُ فِيِه،
===
الرِّشوة للأوصياء في أَموال اليتامى، وبه يُفتى، وإِليه الإشارة بقوله تعالى:{أَمَّا السَّفِيْنَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِيْنَ يَعْمَلُوْنَ في البَحْرِ فأَردْتُ أَنْ أَعِيْبَهَا}(١) حيث أَجاز التَّعْييبَ مخافةَ أَخذ المتغلِّب، كذا في «أَحكام الصِّغار»، وفي «المحيط»: لو رشى لدفع خوفه على نفسه، أَوْ ماله، أَوْ خوفاً على نسائه، أَوْ أَعطى مالاً لشاعر لا بأْس به، يعني صيانة لِعِرْضِه (فالأَوَّل) وهو الصلح مع الإقرار (كَبَيعٍ إِنْ وقع عن مال بمال) لوجود معنى البيع فيه، وهو مبادلة المال بالمال بالتراضي (ففيه) إِنْ كان عَقَارَاً (الشُّفْعة، و) فيه (الخِيارات) الثلاثة، وهي: خِيار العيب، وخيار الشرط، وخيار الرؤية، لأن هذه الأشياء من أَحكام البيع.
(ويُفْسِدُهُ جهالةُ البدل) وهو ما وقع عليه الصلح، لأن البيعَ يَفْسُدُ بالجهالة المفضية إِلى المنازعة. قيد بالبدل لأن جهالتَه هي المفضية إِلى المنازعة في الصلح، لأن المصالَحَ عنه لا يحتاج في الصلح إِلى تسليمه، فلا تضره الجهالة، بخلاف المُصالَحِ عليه، ولهذا لو كان البدلُ غيرَ مقدورِ التسليمِ يَفسدُ الصلح، ولو كان المُصَالح عنه كذلك لا يفسد، لأنه لا يحتاجُ إِلى تسليمه، وكذا يفسد البدل بجهالة الأجل إِذا جعل مؤجلاً (وما استُحِق من المُدَّعى) أَي المصالح عنه (رد المُدَّعي حِصَتَه من العوض) أَي البدل إِنْ كلاً فكلاً وإِن بعضاً فبعضاً (وما استُحِق من البدلِ رجع) المُدَّعي على المُدَّعى عليه (بحصته من المُدَّعى) إِنْ كلاً فبالكل وإِن بعضاً فبالبعض، لأن كل واحد منهما عوضٌ عن الآخر، وهذا حكم المعاوضة.
(وكإِجارة) عطف على كبيع، أَي والصلحُ عن إِقرار كإِجارة (إِنْ وقع عن مالٍ بمنفعة) لوجود معنى الإجارة، وهو تمليك المنفعة بمال، والاعتبار في العقود للمعاني. والأصل في الصلح أَنْ يُحمل على أَشبهِ العقود له فتجري فيه أَحكامه. (فيُشترط التوقيت فيه) أَي في الصلح الواقع عن مال بمنفعة، وهذا إِذا كانت المنفعةُ تُعلم بالتوقيت، كالخدمة وسُكنى الدار. قيدنا به لأنه لو كانت لا تُعلم به، كما لو صالح