ويَبْطُلُ بموتِ أَحَدِهِما في المُدَّة، والآخَرَان مُعَاوَضةٌ في حَقِّ المُدَّعي، وفِدَاءُ يمينٍ وقَطْعُ نِزَاع في حَق الآخَرِ، فلا شُفعةَ في صُلْحٍ عن دارٍ، بل في الصُّلْحِ على دارٍ.
===
عن مالٍ على نقلِ هذا الشيء من ههنا إِلى ثَمَّة لا يُشترط التوقيت. (ويَبْطُل) الصلح (بموتِ أَحدِهِما في المدة) وبهلاكِ المنفعةِ قبل الاستيفاء، حتى لو صالح عن دعوى دار على سُكنى دار، أَوْ خدمة عبد سنة، أَوْ ركوب الدابة إِلى بغداد، أَوْ لبس هذا الثوب شهراً، ثم مات المُدَّعي أَوْ المُدَّعى عليه، أَوْ هلك محلُ المنفعة، فإِن كان قبل استيفاء شيء من المنفعة بطل الصلح فيعود إِلى الدعوى. وإِن كان بعد استيفاء بعضها بطل بقدْر ما بقي ورجعت دعواه بقدرِهِ.
وهذا قول محمد وهو القياس، لأن هذا الصلح إِجارة، وهي تَبْطُل بواحد من هذه الأشياء. وقال أَبو يوسف: إِنْ مات المُدَّعى عليه لا يبطل الصلح ويستوفي المُدَّعي المنفعة، وإِن مات المُدَّعي فكذلك في خدمةِ العبد وسُكنى الدار. ويقومُ الوارث مَقَامَه ويبطل في ركوب الدابة ولبس الثوب، لأن الصُلح لقطعِ المنازعة، وفي إِبطال الصلح بموت أَحدهما إِثارَتهَا بينهما، والناس متفاوتون في الركوب واللبس، فلا يقوم الوارث فيه مَقَامَ المورِّث للضرر الذي يلحقُ المالك.
(والآخَرَان) وهما الصلح مع إِنكار أَوْ سكوت (معاوضةٌ في حق المُدَّعي) لأنه يأخذُ بدلَ الصلح على أَنه عِوضٌ في زَعْمِهِ (وفداءُ يمينٍ وقطعُ نِزَاعٍ في حق الآخر) وهذا في الإنكار ظاهر، لأن بالإنكار تَبَيَّن أَنَّ ما يُعطيه لقطع الخصومةِ وفِداءِ اليمين، وكذا في السكوت، لأنه يحتمل الإقرار والإنكار، وعلى تقدير الإقرار يكون عِوَضَاً، وعلى تقدير الإنكار لا يكون، فلا يثبتُ كونه عوضاً بالشك.
ويجوزُ أَنْ يختلفَ حكمُ العقدِ وغيره في شخصين، كما في الإقالة، فإِنها فسخٌ في حقِ المتعاقدين بيعٌ في حق ثالث، وكالخلع فإِنه معاوضةٌ من جانب المرأَة يمينٌ من جانب الزوج، وكالنكاح فإِنه حِلٌّ في حق المتناكحَين تحريمٌ مؤبَّدٌ في حق أَصولهما، وكالجهة الواحدة في تحري القوم عند اشتباه القِبلة، فإِنها قِبْلَة في حق مَنْ وقع تَحَرِّيه عليها دون الآخر.
(فلا شُفعةَ في صلح عن دار) مع سكوت أَوْ إِنكار، لأنه يعتقدُ أَنها دارُه، باقية على مِلكه، فإِن ما يدفعه إِلى المُدَّعي ليس بعوضٍ عنها وإِنَّما هو لافتداءِ اليمين وقطع الخصومة (بل) الشفعةُ (في الصلحِ على دار) لأن المُدَّعي يأْخذها عوضاً عن المال، فكانت معاوضةً في حقه وإِن كان المُدَّعى عليه يُكذِّبهُ، فصار كما لو قال: اشتريتُ