للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بدر، وهو ابن عشرين سنة. قال الذهبي في «مختصره»: وهذا نصٌ في أنه أسلم وله أقل من عشر سنين، بل نصٌّ في أنه أسلم وهو ابن سبع سنين (أَوْ ثمان) (١) ، وهو قول عُرْوَة. انتهى. وقد افتخر عليّ به في شعره:

*سَبَقْتُكُمُو إِلى الإِسْلَامِ طُرّاً ** غُلَاماً مَا بَلَغْتُ أَوَان حُلْمِي

وروى البخاري في «صحيحه» قال: كان غلامٌ يهوديٌّ يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه صلى الله عليه وسلم يَعُودُه فَقَعَد عند رأسه فقال له: «أسلم»: فنظر إلى أبيه، وهو عنده، فقال: أَطِع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «الحمد لله الذي أنقذه من النار».

وَعَرض عليه الصلاة والسلام الإسلام على ابن صيَّاد وهو غلامٌ لم يبلغ، ولولا أنه يعتبر منه، لم يعرضه عليه. وأمّا الصبيّ الذي لا يعقل فلا يصحّ ارتداده ولا إسلامه كالمجنون، لأن إقراره لا يدلّ على اعتقاده فلا يعتبر. ولو ارتدّ السَّكران الذي لا يعقل لا يصحّ ارتداده، وبه قال مالك، وأحمد في روايةٍ، والشافعي في قولٍ، لأنه غير عالمٍ بما يقول، والرِّدَّة تُبتنى على تبدّل الاعتقاد.

هذا، ويُحكم بإسلام الوثنيّ وشبهه بتلفّظه بإحدى كلمتي الشهادة، ولو سكرانَ أَوْ مكرهاً لقوله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل النَّاس حتَّى يقولوا: لا إله إلاَّ الله» (٢) . ويحكم بإسلام الكتابي بتلفّظه بكلتي كلمتي الشهادة مع التبرِّي عن دينه الذي كان عليه ومع دخوله في دين الإسلام، لأن من أهل الكتاب من يعتقد نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ويدَّعي أنه صلى الله عليه وسلم رسولٌ للعرب خاصّة، فلا بدّ من تبرِّيه من دينه ودخوله في دين الإسلام.

ويكفر من وصف الله تعالى بما لا يليق به تعالى وتقدَّس، وسَخِر باسمٍ من أسمائه، أو استخفّ به أو بأمرٍ من أوامره ونواهيه، أو انكر وعده بالثواب للصالحين أو وعيده من العذاب للطالحين، أو عاب النبي صلى الله عليه وسلم ولو بشعرة من شعراته، لأنه استخفاف بمن كَمَّله (٣) الله من كل وجهٍ، أو أنكر خلافه الشيخين لثبوتهما بالإجماع، أو صحبة أبي بكر لثبوتها بالنصّ حيث قال تعالى: {إذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ} (٤)


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) سبق تخريجه ص ٢٧٩، التعليقة رقم: (٢).
(٣) في المطبوع: عَظَّمه، والمثبت من المخطوط.
(٤) سورة التوبة، الآية: (٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>