للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَصِيرٍ،

===

لأَنه بدل الحج بالبدن، وإِذا لم يجب المُبْدَل لا يجب البَدَل.

وفي ظاهر الرواية عنهما: يجب الحج على هؤلاء إِذا مَلَكُوا الزاد، والراحلة، ومؤنة مَنْ يرفعهم ويضعهم ويقودهم إِلى المناسك، وهو رواية الحسن عن أَبي حنيفة رحمه الله. ويلزمهم الإِيصاء به إِنْ لم يحجّوا بأَنفسهم، ولو حجّوا عنهم وهم آيسون من الأَداء بالبدن ثُمَّ صَحُّوا، وجب عليهم الأَداء بأَنفسهم، وظهرت نفلية الأَول لأَنه خَلَفٌ ضروري، فيسقط اعتباره (١) بالقدرة على الأَصل (٢) . فلهما حديث الخَثْعَمِية: إِنَّ فريضةَ الحجِّ أَدْرَكَتْ أَبي وهو شَيْخٌ كبير لا يَسْتَمْسِك على الراحلة، أَفترى أَنْ أَحجّ عنه؟ قال: «أَرأَيتِ لو كان على أبيكِ دين فَقَضَيْتِ عنه أَكان يجزاء عنه؟» قالت: نعم (٣) .

وله قوله تعالى: {ولِلَّه عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِليهِ سَبِيلاً} (٤) ، قيل: الإِيجاب به، والعجز لازم مع هذه الأُمور، والاستطاعة بالبدن هي الأَصل، وملاءمة القائد والخادم وحصول المقصود له من الرفقة غير معلوم، والعجز ثابت للحال فلا يثبت الوجوب بالشك، إِلاَّ أَنَّ هذا قد يُدْفع بأَن هذه العبادة يجزاء فيها النيابة عند العجز لا مطلقاً، تَوَسُّطاً بين المالية المحضة والبدنية المحضة لتوسطها بينهما، والوجوب دائر مع فائدته فيثبت عند قدرة المال، ليظهر أَثره في الإِحجاج والإِيصاء.

وفي «التجنيس» لصاحب «الهداية»: وجب عليه الحج، فَحجَّ مِنْ عامه، فمات في الطريق، لا يجب عليه الإِيصاء بالحج، لأَنه لم يُؤخِّر بعد الإِيجاب. وفي «الغاية»: المحبوس والخائف من السلطان كالمريض لوجود المانع. انتهى. وكذا حُكْمُ السلطان إِذا خِيفَ على مِلْكِهِ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ.

(بَصِيرٍ،) فلا يفترض على الأَعمى ـ الفاقِد مَنْ يقوده ـ أَنْ يَحُجَّ بنفسه باتفاق، ولا أَنْ يُحِجَّ غيرَه عند أَبي حنيفة. وقالا: عليه أَنْ يُحِجَّ غيره، ولا على الأَعمى الواجد مَنْ يقوده عند أَبي حنيفة رحمه الله، وعنهما روايتان: الوجوب وعدمه، والفرق لهما بين


(١) أي اعتبار حج غيره عنه.
(٢) أي بقدرته على الحج عن نفسه.
(٣) أخرج البخاري جزءًا منه: (فتح الباري) ٣/ ٣٧٨، كتاب الحج (٢٥)، باب وجوب الحج وفضله (١)، رقم (١٥١٣).
(٤) سورة آل عمران، الآية: (٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>