للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَينِهِ ثُمَّ رَهْنَهُ إِنْ طَلَبَ في غَيْرِ بَلَدِ العَقْدِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلرَّهْنِ مُؤْنة حَمْلٍ، وعَلَيْهِ مُؤَنُ حِفْظِهِ، وَعَلَى الرَّاهِن مُؤَنُ تَبْقِيَتِه.

وجُعْلُ الآبق ومُدَاوَاةُ الجُرْحِ مُنْقَسِمٌ عَلَى المَضْمُوْنِ والأَمَانَةِ.

===

دَينِهِ) لَتَعَيّن حَقِّه، كما تعين حَقّ الراهن بإِحضار الرهن، تحقيقاً للتسوية، (ثُمَّ) يسلِّم المرتَهِن للراهن (رَهْنَهُ) كما في المَبِيع والثمن، فإِنَّ البائع يُحْضِر المبيع، ثُم المشتري يُسلم الثَّمن أَوَّلاً، وكذا يؤمر المرتَهِن بإِحضار الرَّهْن أَوَّلاً.

(إِنْ طَلَبَ) دينه (في غَيْرِ بَلَدِ العَقْدِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلرَّهْنِ مُؤْنة حَمْلٍ) لأَن الأَمكنة فيما لا مؤنة فيه سواء، وأَما إِذا كان له مؤنة لم يكلف المرتَهِن إِحضار الرهن، لأَنَّ عين الرهن أَمانة عنده، فلا يكون عليه الرَّدّ، بل يكون عليه التسليم بمعنى التخلية، وليس النقل من بلد إِلى بلدٍ آخر من التسليم في شيءٍ، فصار ساقطاً عنه بِحُكْم العَقْد، فلا يصير عُذْراً في تأخير الدَّيْن، ولكن يَحْلف المرتَهِن بالله ما هَلَكَ الرَّهْن إِنْ طَلَبَ الراهِن الحَلِف، لأَنه غائِبٌ فيحتمل الهلاك فيبطُل الدين، فإِذا حَلَف أَعطاه دَيْنَه، ولا يُلْزَم المرتَهِن تمكينَ الرَّاهن مِنْ بيع الرَّهْن لإيفاء الدين من ثَمَنِهِ، لأَن حُكْم الرهن الحَبْس الدائم إِلى أَنْ يقضيه دَيْنَه.

(وعَلَيْهِ) أَي على المرتَهِن (مُؤَنُ حِفْظِهِ) أَي حِفْظ الرهن، كأُجرة البيت الذي فيه الرهن، في ظاهر الرواية، وكذا أُجرة حافظ، لأَن الإِمساك حَقُّه، والحفْظ واجبٌ عليه، فيكون عليه مَؤُنته (وَعَلَى الرَّاهِن مُؤنُ تَبْقِيَتِه) بضم الميم (وفتح الهمزة) (١) جمع مؤنة ـ وذلك سواء كان في الرهن فضل أَوْ لم يكن، لأَن الرهن باقٍ على ملكه فيكون ما يبقيه عليه (٢) ، لأَنه مُؤَنة مِلْكه كما في الوديعة، وهذا كنفقة مأكله، ومشربه، وكسوة الرقيق، وأَجرة راعيه، وسَقْي البستان، وكَرْي النهر، وتلقيح نخيله وجُداذه (٣) ، (وأمثال) (٤) ذلك حتى تجهيزه بعد الموت ودفنه.

(و) أَما (جُعْلُ (٥) الآبق) لرادِّه، (و) ثمن (مُدَاوَاةُ الجُرْحِ) ومعالجة المرض، وفداء أَرْش (٦) جناية الرَّهْن، فهو (مُنْقَسِمٌ عَلَى المَضْمُوْنِ والأَمَانَةِ) فما هو حِصَّةُ


(١) في المطبوع: وفتحها، وما أَثبتناه من المخطوط.
(٢) أَي ما يبقى الرَّهن على الراهن.
(٣) الجُذاذ: بالضم: القطع المستأصل، وبالفتح: فصل الشيء عن الشيء. القاموس المحيط، ص ٤٢٣، مادة (جذَّ).
(٤) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٥) تقدم شرحها ص ٤٣٦، تعليق رقم (١).
(٦) الأَرْش: ما وجب من المال في الجناية على ما دون النَّفْس. معجم لغة الفقهاء ص ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>