للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي المُعَارِ الأَوَّلَانِ.

ولا يَبْطُلُ الرَّهْنُ لو فَعَلَ، لَكْن يُضْمَنُ كَمَا مَرَّ. وَجَعْلُ الخَاتَمِ في الخِنْصَرِ تَعَدٍّ، وفي أُصْبَعٍ أُخْرَى حِفْظٌ.

وإِذَا طَلَبَ دَيْنَهُ أُمِرَ بإِحْضَارِ رَهْنِهِ، إِلَّا إِذا وُضِعَ عِنْدَ عَدْلٍ، فَيُسَلِّمُ كُلَّ

===

المؤجَر، فلا يملك تسليط غيره بالاستيفاء منه. (و) لا يصح (في المُعَارِ الأَوَّلَانِ) وهما الرَّهن والإِجارة، لأَنهما لاِزمان، والإِعارة غيرُ لازمة، بل للمُعِير أَنْ يرجع فيها متى شاء. (ولا يَبْطُلُ الرَّهْنُ لو فَعَلَ) المِرْتَهِن شيئاً من هذه الأَمور الأَربعة التي ذَكَر أَنها لا تصح في الرهن والوديعة، لأَنها تصرّفٌ من المرتَهِن والرَّهْن لا يَبْطُلُ بتصرفه (لَكْن يُضْمَنُ) الرهن (كَمَا مَرَّ) لحصول التعدي فيه من المرتَهِن.

(وَجَعْلُ الخَاتَم في الخِنْصَرِ) اليُمْنَى أَوْ اليُسْرى (تَعَدَ) لأَنه يستعمل كذلك عادةً، والمرتَهِن غير مأَذون له في الاستعمال ولو كان متَضمِّنَاً للحفظ. إِذْ هو مأذونٌ بمجردِ الحِفْظ (و) جعل الخاتم (في أُصْبَعٍ أُخْرَى) غير الخِنْصِر (حِفْظٌ) من الرَّجل، لأَنه لا يُلْبس كذلك عادةً، فكان ذلك من الحفظ دون الاستعمال. والمراد ـ بعدم الضمان فيما يُعَدّ حفظاً لا استعمالاً ـ أَنْ لا يُضْمن ضمانَ الغصب، لا أَنْ لا يُضْمن أَصلاً، لأَن الرهن مضمونٌ بالدَّين فيسقط بهلاكِهِ الأَقلُّ من قيمته ومن الدين.

ولو قال المشتري للبائع: أَمسك هذا الثوب حتى أُوفِيَك الثمن، يكون رَهْنَاً عندنا، كـ: أَمْسِكْه بِدَيْنِك، أَوْ أَمْسكه بمالك، لأَن هذا كلام يُؤَدِّي معنى الرَّهن، وهو الحَبْس الدائم إِلى وَقْت الفِكَاك، والعبرة في العقود للمعاني وإِن اختلفت المَبَاني. وجعله أَبو يوسف وزُفَر أَمانةً، كمالكٍ والشافعي. لأَن قوله: «أَمسك» يَحتمل الرهنَ والإِيداعَ، والإِيداعُ أَقلّ الأَمْرَين فَيُحْمل عليه، بخلاف: أَمسك بِدَينك لتعيّن جهة الرهن حيث قابله الدَّين.

(وإِذَا طَلَبَ) المرتَهِن من الراهن (دَيْنَهُ أُمِرَ) المرتَهِن (بإِحْضَارِ رَهْنِهِ) أَوَّلاً، لأَن قبض الرهن استيفاء. فلو أُمِر الراهنُ بقضاء الدَّيْن قبل إِحضار المرتَهِن الرَّهْنَ ربما هلك الرَّهن بعد ذلك، أَوْ كان هالكاً قبل ذلك، فيصير المرتَهِنُ مستوفياً دَيْنَهُ مرتين.

(إِلاَّ إِذا) كان الرَّهن (وُضِعَ عِنْدَ عَدْلٍ) وغاب ذلك العَدْلُ ولم يدر أَين هو، أَوْ كان العَدْل أَوْدَع الرَّهْن عند مَنْ في عياله وغاب العَدْلُ، وطلب المرتَهِنُ دَيْنَهُ، والذي عنده الرَّهْنُ يقول: أَوْدَعني فلانٌ ولا أَدري لِمَنْ هو؟ فإِن الراهن حينئذٍ يُجْبَر على قضاء الدَّيْن ولا يكلف المرتَهِن بإِحضار الرهن، ولا يؤخر قضاء الدين إِلى إِحضاره، ولا يتراخى قبض الدين بسببه، (فَيُسَلِّمُ) الراهن المرتَهِن، بعد إِحضار المرتَهِن الرَّهن (كُلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>