للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَحْفَظ كالوَدِيْعة.

وَإِنْ تَعَدَّى ضَمِنَ كالغَصْبِ، ولا يَصِحُّ فِيهمَا رَهْنٌ، وِإجَارَةٌ، وإِعَارَةٌ، وِإيْدَاعٌ. وفي المُؤجَرِ الأَوَّلُ،

===

مِنْ فقهائنا الذين يُنْتَهَى إِلى أَقوالهم، منهم: سعيد بن المسيّب، وعروة بن الزُّبَير، والقاسم ابن محمد، وأَبو بكر بن عبد الرحمن، وخَارِجَةُ بن زيد، وعبيد الله، في مشيخة سواهم مِنْ نُظَرَائهم أَهل فِقْه (وصلاح وفَضْل يُذْكَر بالجمع من أَقاويلهم في كتابه على هذه الصفة أَنَّهم) (١) قالوا: الرَّهن بِما فيه إِذا هلك وعميت قيمته. ويرفع ذلك منهم الثقة إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (قالوا: الرَّهنُ بما فيه) (٢) ، ولم يفهم أَحَدٌ من قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يَغْلق الرهن» نَفْيَ الضمان على المرتَهِن. وذَكَر الكَرْخي عن السلف، كطاوس وإِبراهيم وغيرهما أَنهم اتفقوا أَنَّ المراد به: لا يحبس الرَّهن عند المرتهن احتباساً لا يمكن فكاكه: بأَن يصير مملوكاً للمرتَهِن.

وأُجِيب عَمَّا رَوَوهُ أَنْ المراد بالتَرَادِّ الذي أَخذ به زُفَر الترادُّ حالة البيع، أَي إِذا باع المرتَهِن الرَّهْن يَردُّ ما زاد على الدين، فإِن كان الدين زائداً يردُّ الراهن. وعن أَبي يوسف أَنْ معنى الحديث الذي رواه الدَّارقطني: أَنْ الفَضْل في قيمة الرَّهن لربه، ولا يكون مضموناً ولا يُغْلَق، وإِن كان فيه نُقْصَان رَجَعَ المرتَهِن بالفضل.

وأَمَّا معنى «لا يَغْلَق الرَّهن» فقال ابن الأَثِيْر: يقال غَلِق الرَّهن يَغْلَق غلوقاً، إِذا بَقِي في يد المرتَهِن لا يَقْدِرُ راهِنُهُ على تخليصه. ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يَغْلَق الرهن بما فيه» أَنه لا يستحقه المرتَهِن إِذا لم يستفكه صاحبه، وكان هذا من فِعْل الجاهلية أَنَّ الراهن إِذا لم يُؤَدِّ ما عليه في الوقت المَعَيَّن مَلَك المرتَهِن الرَّهْن، فأَبطله الشرع. ذكره الزُّهْري.

(ويَحْفَظ) المرتَهِنُ الرهن (كالوَدِيْعة) فيحفظه بنفسه، وزوجته، وولده، وخادمه على ما تقدم (وَإِنْ تَعَدَّى) المرتَهِن على الرهن (ضَمِنَ) جميع قيمته (كالغَصْبِ) فعليه رَدُّ ما زاد على الدَّين، لأَن الزيادة على قَدْر الدين أَمانة في يده، والأَمَانات تُضْمَن بالتعدي.

(ولا يَصِحُّ فِيهمَا) أَي الرَّهْن والوديعة (رَهْنٌ، وإِجَارَةٌ، وإِعَارَةٌ، وإِيْدَاعٌ) أَما الإِجارة والإِعارة فلأَن كُلاًّ من المرتَهِن والمودَع ليس له الانتفاع بالرَّهن والوديعة، فليس له تَسْلِيْط غَيرِهِ على ذلك. وأَما الرَّهْن والوديعة فلأَن كُلاًّ من الراهن والمودَع رضي بِيَدِ المُرتَهِن والمودَع دون غيره.

(و) لا يصح (في المُؤجَرِ الأَوَّلُ) وهو الرَّهْن، لأَن المستأْجِر لا يملك عَيْنَ


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>