للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وادَّعَى الزُّهْرِيُّ أَنَّ معنى: «لا يَغْلَق الرهن» ـ بالمعجمة ـ لا يصير الرهن مضموناً بالدَّين. ومعنى: «له غُنْمُه» للراهن الزائد، ومعنى «عليه غُرْمه» أَي على الراهن هلاكه. وعند مالك: إِنْ تَلِفَ بِأَمْرٍ ظاهرٍ ـ كموت وحريق ـ أَمانة (١) ، وإِلاَّ لا، وكذا إِنْ كان الرَّهن من الأَموال الظاهرة، كالحيوان والعَقار، يكونُ أَمانةً، لعدم التهمة عند دَعْوى الهلاك غَالِبَاً.

وإِن كان من الأَموال الباطنة، كالنقدين والحُلِيّ والعُروض، يكون مضموناً بتمام قيمته للتهمة.

وقال زفر: الرَّهْن مضمونٌ بقيمته ـ أَي بتمامها ـ مطلقاً. فلو رَهَن ثوباً قيمتُهُ عشرةٌ بعشرةٍ فهلَك عند المرتَهِن، سقط دَيْنُه، وإِن كانت قيمة الثوب خمسةً، رجع المرتَهِن على الراهن بخمسةٍ، وإِنْ كان قيمتُهُ خَمسةَ عَشَرَ، فالفضلُ أَمانةٌ عندنا، وعند زُفَر يرجع الراهنُ على المرتَهِن بخمسةٍ.

له (٢) ما رَوَى عبد الرزاق، وابن أَبي شيبة في مُصَنَّفَيْهِمَا عن عليَ أَنه قال: الراهِنُ والمرتَهِنُ يَتَرَادَّانِ الفَضْل بينهما في الرَّهْن. وما روى البَيْهَقِيّ عن عليَ: إِذا كان الرَّهْنُ أَفْضَلَ مِنْ القَرْض، أَوْ كانَ القَرْضُ أَفْضَلَ من الرَّهْن ثُم هلك، يَرُدَّانِ الفَضْل.

ولنا ما أَخرج البيهقي عن عمرَ أَنه قال ـ في الرجل يرتَهنُ الرَّهْنَ ويضيع: إِنْ كان أَقَلَّ مِمَّا فيه رَدَّ عليه تمامَ حَقِّه، وإِن كان أَكثرَ فهو أَمينٌ. وما رَوى ابن أَبي شيبة عن محمد بن الحنفية عن عليَ أَنه قال: إِذا كان الرَّهنُ أَكثرَ ممَّا رهنَ به فهلك، فهو بما فيه، لأَنَّه أَمينٌ في الفَضْل وإِذا كان أَقَلَّ مِمَّا رهن به فهلك، رَدَّ الراهنُ الفَضْلَ.

وما رُوِي أَيضاً عن عُمَرَ أَنه قال: إِذا كان الرَّهنُ أَكثر ممَّا رهن به فهو أَمين في الفضل، وإِذا كان أَقلَّ ردّ عليه. وما رُوي أَيضاً عن محمد بن الحنفية عن عليَ قال: إِذا كان أَقلَّ ردَّ الفَضْل، وإِنْ كان أَكثرَ فهو بِمَا فيه. وما رَوى أَبو داود في «مراسيله»، وابن أَبي شيبة في «مصنفه» عن ابن المبارك عن مصعب بن ثابت قال: سمعت عطاءً يُحَدِّث أَنَّ رَجُلاً رَهَنَ رجلاً فَرَسَاً فَنَفَقَ (٣) في يده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرتَهِن: «ذَهَبَ حَقُّكَ». ولا يجوز أَنْ يُقال: ذهب حَقُّكَ في الحبس، لأَنَّ هذا مِمَّا لا يُشْكل.

وفي «مراسيله» أَيضاً عن عليًّ بن سهل الرَّملي: حدثنا الوليد: حدثنا الأوْزَاعي، عن عطاء، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «الرَّهْنُ بما فيه». قال ابن القَطَّان: مُرْسَلٌ صحيح. وما في آثار الطحاوي ـ بسند صحيح ـ عن أَبي الزِّناد قال: أَدْرَكْتُ


(١) أَي فيكون أَمانةً، أَو فهو أَمانةٌ.
(٢) أَي لِزُفر.
(٣) نَفَقَت الدَّابة: أَي ماتت. النهاية ٥/ ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>