للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُفْرَغًا، مُمَيَّزًا. والتَّخْلِيَةُ تَسْلِيْمٌ كَمَا في البَيْعِ. وضَمِنَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيْمَتِهِ ومِنَ الدَّيْن، فَلَو هَلَكَ -وهُمَا سواءٌ- سقَطَ دَيْنُهُ، وإِنْ كَانت قِيْمتُهُ أَكْثَرَ فالفَضْلُ أَمَانَةٌ، وفي أَقَلَّ سَقَطَ مِنْ دَيْنِهِ بِقَدْرِهِ، وَرَجَعَ المُرْتَهِنُ بالفَضْلِ،

===

(مُفْرَغَاً) عن الراهن ومتاعه، واحترز به عن المشغول بأَحدهما، فلو رَهَن داراً وسَلَّمها وهو أَوْ متاعُهُ فيها لا يلزم عقد الرهن، حتى يُسَلِّمها ثانياً بعد خروجه أَوْ متاعه عنها (مميَّزاً) أَي غير مُتَّصِل بغيره اتصالَ خِلْقة، واحترز به عن رَهْن الثمر على الشجر دون الشجر، لأَن المرهون إِذا اتصل بغير المرهون اتصالَ خِلْقة صار كالمُشاع.

(والتَّخْلِيَةُ) مبتدأ، أَي تخلية الراهن بين المَرْهون والمُرْتَهِن في الرَّهن (١) ، بِرَفْع المَوَانِع عن القبض (تَسْلِيْمٌ) للمرهون، لأَن القبض في الرهن بِحُكْم عَقْدٍ مشروعٍ فَيَكْفِي فيه التَّخْلِية (كَمَا في) قبض (البَيْعِ) في ظاهر الرواية. وعن أَبي يوسف وأَحمد أَنَّ التسليم في المنقول لا يكون إِلاَّ بالنقل.

(وضَمِنَ) المُرْتَهِنُ الرهن (بِأَقَلَّ مِنْ قِيْمَتِهِ ومِنَ الدَّيْن) «مِنْ» فيهما (٢) لبيان الأقل، ولو قال: «بالأقل من قيمته ومِن الدَّين» لكان أَفضل، فتأَمل فإِنه مَوْضِعُ الزلل. (فَلَو هَلَكَ ـ وهُمَا (٣) سواءٌ ـ، سَقَطَ دَيْنُهُ) لأَنه صَار مُسْتَوْفِيَاً له حُكْماً.

(وإِنْ كَانت قِيْمتُهُ أَكْثَرَ) من الدَّين (فالفَضْلُ) على الدَّيْن (أَمَانَةٌ، وفي) ما لو كان قيمته (أَقَلَّ) من الدَّين (سَقَطَ مِنْ دَيْنِهِ بِقَدْرِهِ) لأَن الاستيفاء بِقَدْر المالية (وَرَجَعَ المُرْتَهِنُ بالفَضْلِ) وعند الشافعي وأَحمد الرَّهْن كله أَمانَةٌ في يد المرتَهِن لا يسقط شيءٌ من الدَّين بهلاكه، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث رواه الدَّارقطني: «لا يَغْلَق (٤) الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الذي رَهَنَهُ، له غُنْمُه وعليه غُرْمُهُ».

ورواه ابن حِبَّان في «صحيحه»، والحاكم في «مُسْتَدْرَكه» وصححه. وأَخرجه أَبو داود في «مراسيله» عن سعيد بن المسيَّب عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال (٥) : وقوله: «وله غُنْمُه وعليه غُرْمُهُ» من كلام سعيد (لعله عن) (٦) الزهريّ. وقال: هذا هو الصحيح. ويؤيده ما رواه عبد الرزاق في «مصنفه» عن ابن المسيَّب أَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَغْلَق الرهن مِمَّنْ رهنه».


(١) أَي في عقد الرَّهن.
(٢) أَي قوله في المتن: "من قيمته ومن الدين".
(٣) أَي الدَّين والقيمة.
(٤) سيأْتِي شرحها عند المؤلف الصفحة التالية.
(٥) أَي أَبو داود.
(٦) في المطبوع: نقل عنه، وما أَثبتناه من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>