للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا يَصِحُّ أَمَةٍ عَلى حُرَّةٍ أَوْ فِي عِدَّتِهَا، وَلا حَامِلٍ ثَبَتَ نَسَبُ حَمْلِها،

===

لئلا يصيرَ جامعاً بين ثلاثة حكماً، لأن المُعْتَدَّةَ وإن كانت مُبَانَةً بينونةً غليظةً، نكاحُها باقٍ من وجه لبقاء النَّفَقَةِ، والسُّكْنَى، والمنع من الخروج، واعتبار الفِرَاش، ولذا يثبت نَسَبُ ولدها إذا جاءت به لأقلَّ من سنتين، فصار كما لو تَزَوَّجَ الحُرُّ أُخرى والرابعةُ في مِلك نكاحه، أو تزوج العبد أُخرى والثانيةُ في ملك نكاحه.

(وَلا يَصِحُّ) نكاح (أَمَةٍ) سواء كانت مُدَبَّرَةً أو أمَّ ولدٍ أو مُكَاتَبَة (عَلى حُرَّةٍ أَوْ فِي عِدَّتِهَا) أي عِدَّة الحُرَّة، سواء كانت عِدَّةً عن طلاق رجعي، وهو قولهما، أو عن بائن، وهو قول أبي حنيفة.

لهما ـ وهو قول ابن أبي ليلى ـ: أنّ الحرام إدخال الأمة على الحرة، وهو إنما يتحقق إذا كان مِلكُه باقياً عليها، وهذه مُبَانةٌ فلا يكون متزوجاً عليها، كما لو تزوج أمةً في عدة حرة من نكاح فاسد، أو وطاءٍ بشبهة، ولهذا لو حلف لا يتزوج عليها، فأبانها وتزوج في عدتها، لا يحنث.

ولأبي حنيفة: أن مِلك المُعْتَدَّة عن طلاق بائن باقٍ من وجه، فالاحتياطُ المنعُ، كنكاح المرأة في عدة أُختها، أو في عدة رابعةٍ.

وقال الشافعي: يجوز للعبد أن يتزوج الأمةَ على الحرة. وقال مالكٌ: يجوز تَزَوُّجُ الأمة على الحرة إذا رضيت الحرة.

ولنا ما روى ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في «مُصَنَّفَيْهِما» عن الحسن قال: نَهَى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُنْكَحَ الأمةُ على الحرة. وقال عليٌّ رضي الله عنه: لا تُنْكَح الأمة على الحرة. ونحوُه عن ابن مسعود، رواهما ابن أبي شيبة. وقال جابر بن عبد الله: لا تُنْكَح الأمة على الحرة، وتُنْكَح الحرة على الأمة. رواه عبد الرزاق في «مصنفه» فهذه آثارٌ ثابتة عن الصحابة تُقَوِّي الحديث المُرْسَل (لو لم نقل) (١) بِحُجِّيَّتِهِ، فوجب قَبوله. ثم علماؤنا والشافعيُّ قَصَروا العبد على تزوُّج ثنتين. وقال مالك: له أن يتزوج أربعاً. ومذهَبُنا مرويٌّ عن عمر رضي الله عنه قال: لا يتزوج العبدُ أكثرَ من ثنتين.

(وَلا) يصح نكاح (حَامِلٍ ثَبَتَ نَسَبُ حَمْلِها) بأن كانت مَسْبِيَّةً، أو مُهَاجِرَةً ذاتَ حَمْلٍ من حَرْبيَ، روى ذلك محمد عن أبي حنيفة، واعتمده الكَرْخي لحرمة صاحب الماء بسبب ثبوت النَّسَب منه. وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة: أن المَسْبِيَّة، أو


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>