للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا أُخْرَى لِلحُرِّ في عِدَّةِ رَابِعَةٍ ولِلْعَبْدِ فِي عِدَّةِ ثَانِيةٍ.

===

أو وثنية أو صابئة، إن كان الصاباء مَنْ لا كتاب له، بل يعبد الكواكب أو الملائكة، كما قيل عن أبي يوسف ومحمد، لا إن كان نصرانياً يقرأ بالزَّبُور ويُعَظِّم الكواكب كتعظيمنا القِبلة كما قيل عن أبي حنيفة.

أما المجوسية، فلِمَا روى عبد الرزاق، وابن أبي شَيْبة في «مُصَنَّفَيْهما» من حديث قيس بن مسلم، عن الحسن بن محمد بن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلى مجوسِ هَجَر يَعْرِضُ عليهم الإسلام، فَمَنْ أسلم قُبِل منه، وَمن لم يُسْلِم ضُرِبت عليه الجِزْيَة، غير نَاكِحي نسائهم ولا آكِلي ذبائحهم. قال ابن القَطَّان: هو مرسلٌ، ومع إرساله فيه قيس بن مسلم، وهو ابن الربيع، وقد اختُلِف فيه، وهو ممن ساء حفظه بالقضاء.

ورواه ابن سعد في «الطبقات» من طريق ليس فيها قيس، عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى مجوس هَجَر.

إلى أن قال: «لا تُنْكَح نساؤهم، ولا تُؤكَلُ دبائِحُهُم». وسيأتي ما فيه من الكلام في باب الجزية إن شاء المَلِك العَلاّم.

وقال داود الظاهري وأبو ثور: يجوز تَزَوُّج المجوسية، لأن المجوس كان لهم كتاب، فَوَاقَعَ مَلِكُهُم أُخْتَهُ ولم يُنْكَرْ عليه، فرُفع كتابهم ونَسُوه وأُجيب بأن العبرة للحال كالوثني من ولد إسمعيل عليه الصلاة والسلام لا يعتبر ذلك فيه الآن. وأما الوثنية فلقوله تعالى: {ولا تَنْكِحُوا المُشْركَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} (١) ، والمشركة لا تتناول الكتابيةَ لاختصاصها باسم آخر، ألا ترى أن الله سبحانه عطف المشركين على أهل الكتاب بقوله: {لم يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا من أهلِ الكِتَابِ والمُشْرِكِينَ} (٢) والعطف يقتضي المغايرة.

وقال سعيد بن المُسَيّب، وعطاء، وطاوس، وعمرو بن دينار: يجوز وطاء المشركة بملِكِ اليمين، لورود الأثر بجواز وطاء سبايا العرب. وأُجِيب بأن ما ورد من وطاء سبايا العرب محمولٌ على الوطاء بعد الإسلام، أو هو منسوخ بما تلونا.

(وَلا) يصح نكاح (أُخْرَى لِلحُرِّ في عِدَّةِ رَابِعَةٍ) سواء كانت عدة طلاق رجعي أو بائن، كيلا يصيرَ جامعاً بين خمسٍ حُكْماً. (و) نكاح أخرى (لِلْعَبْدِ فِي عِدَّةِ ثَانِيَةٍ)


(١) سورة البقرة، الآية: (٢٢١).
(٢) سورة البَيِّنة، الآية: (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>