مِثْلُهُ والسَّفَرُ وَالأَصْلِيُّ، والسَّفَرُ وضِدُّهُ لا يُغَيِّرَانِ الفَائِتَةَ. وسَفَرُ المَعْصِيَةِ كَغَيْرِهِ في الرُّخَص.
===
فصاعداً (مِثْلُهُ) لأنَّ الشيء يُرتفض بمثله. (والسَّفَرُ) لأنه ضد الإقامة فلا تبقى معه، (وَ) الوطن (الأَصْلِيُّ) لأنه أقوى من وطن الإقامة.
(والسَّفَرُ وضِدُّهُ لا يُغَيِّرَانِ الفَائِتَةَ) عندنا وبه قال مالك. حتى لو قضى المسافر حَضَرِيّة قضاها أربعاً، ولو قضى المقيم سَفَرِيّة قضاها ثنتين، لأن القضاء على حسب الأداء. وإنما يقضي المريض بالإيماء ما فاته في الصحة بالركوع والسجود لئلا يلزم تكليف ما ليس في الوسع، ويقضي الصحيح بالركوع والسجود ما فاته في المرض بالإيماء، لأن الرخصة للعجز، ولا تبقى بدونه.
وقال الشافعيّ في الجديد: يقضيها أربعاً، لأن القصر رخصة للمسافر وهو حال قضائها لم يبق مسافراً، فلا يَقْصُرُ. قلنا: الواجب على المسافر في الوقت ركعتان، وبالفوات استقرتا في ذمته فلا يتغيران بالإقامة لوجوب القضاء بالسبب الذي يجب الأداء به، فيحكيه كالعكس وهو عدم تغير فائتة الحَضَر إذا قُضِيت في السفر اتفاقاً لِمَا قدَّمنا.
ثم يُعْتَبَرُ في السفر والإقامة، وكذا في الحيض والطهر منه، والبلوغ والإسلام، آخر الوقت، هو قدر التحريمة، وقد قررنا طرفاً منه في باب الحيض وتمامه في الأصول. ويباح السفر يوم الجمعة قبل الزوال وبعده. أمّا بعد الزوال فظاهر، وأما قبله فَلِمَا رُوِيَ عن ابن عباس أنه قال:«بعث النبيّ صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رَوَاحَة في سَرِيّة فوافق ذلك يوم الجمعة فغدا أصحابه وقال: أتخلف فَأُصَلِّي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ألحقهم، فلمَّا صلى معه صلى الله عليه وسلم رآه فقال: ما منعك أن تغدو مع أصحابك. فقال: أردت أن أصلّي معك ثم ألحقهم. فقال: لو أنفقت ما في الأرض ما أدركت فضل غدوتهم». أخرجه الترمذي.
(وسَفَرُ المَعْصِيَةِ) كالإباقِ والنشوز (١) وقطع الطريق (كَغَيْرِهِ) أي كسفر الطاعة من الحج والعُمْرَة والتجارة. (في الرُّخَص).
ومذهب مالك: أنَّ العاصي لا يَتَرَخَّصُ. ومذهب الشافعي: أنه إن أنشأ السفر وهو عاصٍ لا يَتَرَخَّصُ قولاً واحداً، وإن طرأ العصيان في سفره فوجهان.
ولنا أنَّ النصوص المقتضية للقصر والإفطار وغير ذلك من الرُّخَصِ كقوله تعالى:
(١) النُّشُوز: نشزت المرأة من زوجها، عصت زوجها وامتنعت عليه، ونشز الرجل من امرأته: تركها وجفاها. المصباح المنير، ص: ٦٠٥، مادة (نشز).