للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو أضاف عِتقه إلى مِلك، أو شرط ووُجِدَ، عَتَق، كعبد لِحَرْبي خَرَجَ إلينا مُسْلمًا.

والحمْلُ يَتْبعُ أُمَّه في المِلْكِ والرِّق، وفي العِتقِ، وفُروعِهِ،

===

الطلاق. وخَالَفَنَا في المكرَه مالك والشافعي وأحمد.

(أو أضاف عِتقه إلى مِلك) نحو إن مَلكتُ عبداً فهو حر وبه قال مالك. وخَالَفَنَا فيه الشافعي وقد بينا ذلك في كتاب الطلاق. (أو) إلى (شرط) نحو: إن قَدِمَ فلانٌ فأنت حرٌ (ووُجِدَ) ذلك الشرط (عَتَق) أي عليه، ليكون في الخبرِ ضمير عائدٌ على المبتدأ الذي هو: «مَنْ مَلَك» وإنما عتق في التعليق إذا وُجد الشرط، لأن العِتق إسقاط، فيجري فيه التعليق، وهذا لا خلاف فيه.

(كعبد) أي كعتقِ عبد (لِحَرْبي خَرَجَ إلينا مسلماً) لما روى أبو داود في الجهاد، والترمذي في المناقب وقال: حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث رِبعي بن خِراش ـ بكسر المهملة والمعجمة ـ عن علي قال: خرج عُبْدَانٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحُدَيْبية قبل الصلح، فقال مواليهم: يا محمد، والله ما خرجوا إليك رَغَبةً في دينِكَ، وإنما خَرَجوا هَرَباً من الرِّقِ، فقال ناس: صدقوا يا رسول الله، ردَّهم إليهم، فغضِبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «ما أراكم تَنْتَهون يا معشرَ قريش حتى يبعث الله عليكم من يضرب رِقَابكم على هذا». وأبى أن يردهم وقال: «هم عُتَقاءُ الله سبحانه وتعالى».

وروى عبد الرزاق في «مصنفه» في الجهاد عن مَعْمر، عن عاصم بن سليمان، عن أبي عثمان النَّهْدِي، عن أبي بَكْرة: أنه خَرَجَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محاصِر أهل الطائف بثلاثة وعشرين عبداً، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم الذين يقال لهم: العُتَقاء. وأبو بَكْرَة اسمه: نُفَيْع، كُنِّي بأبي بَكْرة لأنه نَزَل بُكْرَة النهار، وقيل: لأنه نَزَلَ بِبَكَرة.

(والحمْلُ يتبع أمه) ولا ينعكس حُكْمُه (في المِلْكِ) وهو تَمكُّن الشخص من التصرف فيه، (و) في (الرِّق) وهو الذي جعله الله تعالى جزاء الاستنكاف عن طاعة الحق، (وفي العِتقِ و) في (فروعه) أي فروع العتق وهي: الكتابة، وأمومية الولد، والتَّدبير، لأن الحَمْل وإن كان مخلوقاً من ماء أمه وأبيه، لقوله تعالى: {مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يخرُجُ مِنْ بينِ الصُّلْبِ والتَّرَائبِ} (١) إلا أنَّ كون هذه أُمَّهُ يقيني في الجملة، دون كون هذا أباه. ومن هنا لمَّا سمع عبد الله بن سلام قوله تعالى: {الذين آتَيْنَاهُمْ الكِتَابَ يعرفونَه كما يعرِفُونَ أبناءَهُم} (٢) قال: «لَمَعرِفتي بمحمد صلى الله عليه وسلم أشد من معرفتي بابني.


(١) سورة الطارق، الآية: (٦ - ٧).
(٢) سورة البقرة، الآية: (١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>