للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإنْ لَمْ يُقْبَضْ شَيْءٌ بَطَلَ فيها، وإنْ لَمْ تُخَلَّصْ، بَطَلَ أصْلًا.

===

«إذا سافرتم) (١) فأذّنا وأقيما» (٢) . والمراد أحدهما، فيحمل ما نحن فيه على ذلك نظراً إلى ظاهر حال المسلم هنالك. بخلاف ما لو صرّح وقال: خذها من ثمن السيف، فإِنّ الظاهر حينئذٍ عارضه التَّصريح بخلافه.

(وَإنْ) افترقا و (لَمْ يُقْبَضْ شَيْءٌ) والحال أَنّ الحِلْية تتخلص بلا ضررٍ (بَطَلَ) العقد (فيها) أي في الحِلْية، لأنّ العقد فيها صرف، وقد فات شَرْطُه وهو القبض في المجلس. قيّد البطلان بكونه في الحِلْية، لأن العقد حينئذٍ يصحّ في السيف لأنه مقدورٌ على تسليمه، ويمكن إفراده بالبيع لكونه يتخلّص بلا ضررٍ، كالطَّوق والأمة. فأمّا إذا بِيعت أمةٌ مع طوْقٍ بنقدٍ ونسيئةٍ، فسد العقد فيهما عند أبي حنيفة، وفي الطوق عندهما. (وإنْ لَمْ تُخَلَّصْ) الحلْية إلاَّ بضررٍ، والحال أَنه لم يُقْبَضْ شَيءٌ (بَطَلَ) العقد (أصْلاً) أي في الحِلْية وفي السيف. أمّا في الحِلْية، فلِفَقْد شرط الصَّرْف وهو القبض في المجلس، وأمّا في السيف فَلِتَعَذُّر تسليمه بدون الضّرر.

ولو باع درهمين وديناراً بدرهمٍ ودينارين جاز بأن يُصْرفَ كلّ جنسٍ بخلاف جنسه تصحيحاً للعقد، كما لو باع كُرَّ (٣) بُرَ وكُرَّ شعيرٍ بِكُرَّيْ بُرّ وكُرَّيْ شعير. وأفسده الشَّافعي وزُفَر.

ولو باع ما غالبه فضةٌ أو ذهبٌ بخالصه لم يجز إلاّ متساوياً وزناً، لأنّ العبرة للغالب، فكان كل منهما له حكم خالصه، ولهذا لا يستقرض إلاّ وزناً. ولو باع ما غالبه غش بآخر من جنسه متفاضلاً جاز، ويكون الغِش في كل واحدٍ منهما متقابلاً بالخالص الذي في مقابله، لكن بشرط التَّقابض قبل الافتراق لوجود الفضّة أو الذّهب في الكلِّ من الجانبين مع عدم التخلّص إلاّ بضرر.

ولو باعه بخالصة من فضة، أو ذهب لا يجوز إلاّ أن يكون الخالص أكثر ممّا في غالب الغِش منه، كبيع الزيتون بالزيت، والشَّيْرَج (٤) بالسِّمْسِم. ويجوز التبايع والاستقراض برائج المغشوش وزناً إن كان رواجه به، أو عدّاً إن راج به، أَوْ بهما إن راج بهما، لأنّ المعتبر فيما لا نصّ فيه العادةُ، والله تعالى أعلم.


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) أخرجه الترمذي في سننه ١/ ٣٩٩، كتاب الصلاة (٢)، باب ما جاء في الآذان في السفر (٣٧)، رقم (٢٠٥).
(٣) سبق شرحها ص (٣٥٦)، التعليقة رقم (٤).
(٤) في المخطوط السيرج، والمثبت من المطبوع، وهو الصواب لموافقته لِمَا في "تاج العروس" ٦/ ٦٢، مادة (شرج).

<<  <  ج: ص:  >  >>