للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإنْ وَقَعَ فى البَعْضِ صَحَّ فِيهِ فى إنَاءِ فِضَّةِ وصَارَ مُشْتَرَكًا. وَكَذَا في السَّيْفِ المُحَلَّى إنْ خُلِّصَتْ الحِلْيَةُ بِلَا ضَرَرٍ.

وَيُصْرَفُ القَبْضُ إلى ثَمَنِهَا،

===

(وَإنْ وَقَعَ) التَّقَابُض (في البَعْضِ صَحَّ) العقد (فِيهِ) أي في ذلك البعض، وبطل في الباقي (في إنَاءِ فِضَّةٍ) أي حال كون ذلك البعض في إناء الفضة. يعني أَنْ من باع إناء فضةٍ وقبض بعض ثمنه ثم افترقا، بطل البيع فيما لم يقبض ثمنه وصحّ فيما قبض، (وصَارَ) الإناء (مُشْتَرَكاً) بينهما لأنّ هذا العقد صرْفٌ كلّه، والتّقابض في المجلس شرطٌ في الصرف، وقد وُجِدَ في البعض دون البعض، فيصحّ فيما وجد فيه، ويبطل فيما لم يوجد، وهذا الفساد طاراء لأنّه لعارض الافتراق لا عن قبضٍ، فلا يتعدّى إلى ما لم يوجد فيه. قيّد البعض بكونه في إناء، لأنّه لو كان في نُقْرة (١) لم يكن الحكم لزوم اشتراكهما، لأنّ النُّقْرة تتبعض بلا ضررٍ بخلاف الإناء. وليس الصحة في بعض الإناء الذي نقد ثمنه، والبطلان في بعضه الذي لم ينقد ثمنه من تفريق الصَّفْقة، لأنّ هذا تفريقٌ من جهة الشَّرع باشتراط القبض، فصار كهلاك أحد العبدين.

(وَكَذَا) يصحّ العقد (في السَّيْفِ المُحَلَّى) إذا بِيع وَوَزْنُ حليته مثلاً خمسون بمئة، ونقد المشتري خمسين (إنْ خُلِّصَتْ الحِلْيَةُ بِلَا ضَرَرٍ وَيُصْرَفُ القَبْضُ إلى ثَمَنِهَا) أي ثمن الحِلْيَة وإن لم يبيّن أنّه ثمنها، لأنّ قبض حصة الحِلْية واجبٌ في المجلس لحق الشّرع، وقبض حصة السيف غير واجبٍ فيه، والتَّسليم مطلقٌ. فيجعل المنقود من حصة الحلية، لأنّ الظاهر من حال المسلم العاقل أن يؤدي الواجب ولا يُخِلَّ به.

وكذا لو قال: خذ هذه الخمسين من ثمنهما، لأنّ المثنّى قد يعبّر به عن الواحد كما في قوله تعالى: {يَخُرْجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ} (٢) والمراد أحدهما، لأنّهما يخرجان من المالح لا من العذب. وفي قوله تعالى: {نَسِيَا حُوتَهُمَا} (٣) والنّاسي صاحب موسى بدليل {فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ} (٤) ، وفي قوله تعالى: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} (٥) والداعي كان موسى عليه السلام. وفي قوله عليه الصلاة والسلام لمالك ابن الحُوَيْرِث وابن عمّ له: «إذا سافرتما … » أي إذا كنتما في سفر، (وفي روايةٍ:


(١) النُّقْرَةُ: القطعة المذابة من الذهب أو الفضة. "المغرب في ترتيب المعرب" ٢/ ٣٢١.
(٢) سورة الرحمن، الآية: (٢٢).
(٣) سورة الكهف، الآية: (٦١).
(٤) سورة الكهف، الآية: (٦٣).
(٥) سورة يونس، الآية: (٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>