للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يُنْقِصُ منها وإِنْ زَادَ جَازَ،

===

أَقْصَى الأَرض.

قلت: ولَعَلَّهُ المَرادُ بقوله تعالى: {وإِذْ بَوَّأْنَا لإِبراهيمَ مكانَ البيتِ} (١) ، إِلى أَنْ قال: {وأَذِّنْ في النَّاسِ بالحجِّ يأْتُوكَ رِجَالاً وعلى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كل فَجَ عَمِيق} (٢) ، الآيةَ.

(ولا يُنْقِصُ منها) أَي من التلبية المأْثورة بالروايات (٣) المشهورة. وأَمَّا قولُ صاحب «الهداية»: لأَنه هو المنقول باتفاق الرواة فلا ينقص منه، فمنقوض بما روى البخاري في «صحيحه» عن عائشةَ قالت: إِنِّي لأَعْلَمُ كيف كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لك لبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ والنِّعْمَةَ لك ـ وليس فيه: والملك ـ لا شريك لك.

(وإِنْ زَادَ) عليها (جَازَ). وقال القُدُوري في «شرحه»: إِنْ زاد عليها استُحِب. والأَظهر أَنْ يُقال: إِنْ الزيادةَ مُسْتَحَبَّةٌ إِنْ كانت مرويةً عن الصحابة، وجازتْ إِنْ كانت بخلافها، لقول نافع: وكان ابن عمر يزيد في تلبيته: لبيك، لبيك وسَعْدَيْك، والخير بيديك، لبيك والرغباء إِليك والعمل. رواه مسلم والأَربعة. وروى مسلم هذه الزيادة عن عمر أَيضاً: ولبيك إِله الخَلْق (٤) لبيك. رواه النَّسائي وابن ماجه وابن حِبَّان والحاكم عن أَبي هريرة. ورُوِي عن ابن مسعود زيادة: لبيك عدد التراب. رواه إِسحاق بن رَاهُوَيه في «مُسْنده». وروى الرَّبِيع عن الشافعي: إِنْ زاد عليها كُرِه.

وإِذا فَرَغَ من تلبيته سأَل اللَّهَ مغفرته ورضوانه واستعتقه من النَّار. رواه الطبراني عن خُزَيْمَةَ بن ثابتِ الأَنصاري فيقول: اللهم إِنِّي أَسْأَلُكَ مَغْفِرَتَكَ ورضاك عني في دار القرار، وأَنْ تُعْتِقَنِي مِنَ النَّار. أَوْ يقول: اللهم إِنِّي أَسأَلك رضاك والجنة، وأَعوذ بك من النار. فللدَّارَقُطْنِيّ عن خُزَيْمَةَ أَيضاً بلفظ: أَنَّه صلى الله عليه وسلم كان إِذا فَرَغَ من التلبية، سأَل رضوانه والجنة، واستعاذ برحمته من النار.

ويُسْتَحَبُّ رَفْعُ الصوتِ بالتلبية، لقوله صلى الله عليه وسلم «جاءني جبرائيل فقال: يا محمدُ، مُرْ أَصْحابك فَلْيَرْفَعُوا أَصْوَاتَهم بالتلبيةِ، فإِنها من شعائرِ الحجِّ». رواه ابن ماجه. ورُوِي


(١) سورة الحج، الآية: (٢٦).
(٢) سورة الحج، الآية: (٢٧).
(٣) في المطبوعة: بالرواية، وما أثبتناه من المخطوطة.
(٤) في المطبوعة: الحق، وما أثبتناه من المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>