للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهِيَ: لَبَّيكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لك لبيك، إِنَّ الحَمْدَ والنِّعْمَةَ لك والمُلْك لا شَرِيكَ لك.

===

أَنْ يقرأَ الدعاء بعد الصلاة، ثم يقول: نويت الحج، وأَحْرَمْتُ به لِلَّهِ تعالى، ثم يُلَبِّي.

وفي «سنن أَبي داود» من حديث أَبي إِسحاق، عن خُصَيف، عن سعيد بن جُبَيْر قال: قلت لعبد الله بن عباس: عَجِبْتُ لاختلافِ أَصحاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في إِهْلالِه حين أَوْجَبَ، فقال: إِنِّي لأَعْلَمُ النَّاسَ بذلك، إِنَّها إِنَّما كانَتْ مِنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم حَجَّةً واحدةً، فمن هنالك (١) اختلفوا. خَرَجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حَاجَّاً، فَلَمَّا صلَّى في مسجده بذي الحُلَيْفَة ركعتيه، أَوْجَبَ في مَجْلِسِه، فَأَهَلَّ بالحج حين فَرَغَ مِنْ ركعتيه، فسمع ذلك منه أَقْوَامٌ فحَفِظَتْهُ عنه، ثُمَّ رَكِبَ فَلمَّا اسْتَقَلَّت به ناقَتُهُ أَهَلَّ، وأَدْرَكَ منه ذلك أَقوامٌ، وذلك أَنَّ الناسَ كانوا يأْتون أَرسالاً (٢) فَسَمِعُوه حين استقلت به ناقته يُهِلُّ، فقالوا: إِنَّما أَهَلَّ حين استقلتْ به نَاقَتُه، ثُمَّ مَضَى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمَّا عَلَا على شَرَف البَيْدَاء (٣) ، أَهَلَّ، وأَدرك ذلك منه أَقوام، فقالوا: إِنَّما أَهَلَّ حين علا على شرف البيداء، وأَيْمُ الله، لَقَدْ أَوْجَب في مصلاّه، وأَهَلَّ حين استقلتْ به ناقَتُه، وأَهَلَّ حين عَلَا على شَرَف البيداء. ورواه الحاكم أَيضاً، وقال: صحيح على شرط مسلم.

(وهِي:) أَي التلبية المسنونة (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لك لبيك،) أَي أَجَبْتُ لك إِجَابَةً بعد إِجابةٍ (إِنَّ الحَمْدَ) بِكَسْرِ الهمزة عند محمد والكِسائي والفرَّاء على الاستئناف لزيادة الثناء، وبفتحها عند أَبي حنيفة وآخرين على التعليل. قال الخطابي: الفتح رواية العامة. وأَما ما في «المحيط» مِنْ أَنَّ الكسر أَصْوَب لأَن النبيّ صلى الله عليه وسلم كَسَرها فغير صحيح (والنِّعْمَةَ لك والمُلْك) أَي لك (ولا شَرِيكَ لك) أَي في الملك ولا في غيره.

وفي الكتب الستة عن ابن عمر: أَنْ تلبية رسولِ الله صلى الله عليه وسلم «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْك، إلى آخره. وقد أَجمع المسلمون على أَنَّ التلبية بالحج هكذا. وروى الحاكم ـ وقال: صحيح الإِسناد ـ عن ابن عباس قال: لمَّا فَرَغَ إِبراهيمُ عليه السلام من بناء البيت قال: يا رَبّ قَدْ فَرَغْتُ، فقال: أَذِّنْ في الناسِ بالحَجِّ، قال: يا ربّ وما يبلغ صوتي، قال: أَذِّن، وعَلَيَّ البلاغ، قال: يا رَبّ كيف أَقول؟ قال: قل يا أَيَّها الناس، كُتِبَ عليكم الحَجُّ، حج البيت العتيق، فسمع مَنْ بينَ السماء والأَرض، أَلا تَرَى أَنَّهم يُجِيبُون من


(١) في المطبوعة: هناك، وما أثبتناه من المخطوطة.
(٢) أَرْسَالًا: أي أفواجًا وفِرَقًا. النهاية: ٢/ ٢٢٢.
(٣) البَيْداء: اسم موضع بين مكة والمدينة. النهاية: ١/ ١٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>