للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنَّوْحِ، ولا لعَسْبِ التَّيْس، ولا إِجارَةُ المُشَاع إِلَّا مِنْ الشَّرِيْكِ، ولا إِجَارَة ُالرَّحَى بِبَعْضٍ دَقِيْقِه

===

يُنْبِتُ النفاقَ في القَلْبِ». رواه أَبو داود. وكذا سائر الملاهي، كالمِزْمَار، والطبل لغير الغزو، لما في «سُنن أَبي داود» عن نافع قال: سَمِعَ ابن عمر مِزْماراً فوضع أُصبعيه في أُذُنَيْه ونأى عن الطريق، وقال لي: يا نافعُ هل تَسْمع شيئاً؟ قال: قلت: لا. قال: فرفع أُصبعيه من أُذَنَيْه وقال: كُنْتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَمِع مثل هذا، فصنع مثل هذا ..

(والنَّوْحِ) لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَب الخُدودَ، وشَقَّ الجُيْوب (١) ، ودَعَا بِدَعْوى الجاهلية». رواه البخاري. وفيه أَيضاً عن أَبي موسى: أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَرِاء من الصَّالِقةِ، والحَالِقَةِ، والشَّاقَّة. الصالقة: التي ترفع صوتها بالبكاء والنَّوْح. والحالقة: التي تَحْلِق رأَسها في المصيبة. والشَّاقَّة. التي تشق ثوبها في تلك الحالة. وذلك لأَنَّ عَقْد الإِجَارة يستحق به تسليمُ المقعود عليه شرعاً، فلا تُستحق على أَخْذ ما يكون به عاصياً، لئلا تصير المعصية مضافة إِلى الشريعة.

(ولا) تصح الإِجارة (لعَسْبِ التَّيْس) وهو نَزْوه (٢) على الإِناث، لما رَوى البخاري وأَبو داود والترمذي والنَّسائي عن ابن عمر: أَنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن عَسْبِ التَّيْس. وفي «مُسْند» أَحمد: نهى عن ثَمَنِ عَسْبِ الفَحْل.

(ولا) تصح (إِجارَةُ المُشَاع (٣) إِلاَّ مِنْ الشَّرِيْكِ) على الأَصح عند أَبِي حنيفة، وهو قول زُفَر وأَحمد، سواء كان مِمَّا يُقْسَم، كالأَرض، أَوْ لا، كالعبد. وقال أَبو يوسف ومحمد ومالك والشافعيّ: يجوز من غير الشريك أَيضاً إِنْ بَيَّنَ نَصيبه، وإِلاَّ فلا تصح على الصحيح، ويتهايآن (٤) فيه، ويُجْبَرانِ على ذلك، لأَن هذا عقد معاوضة فيجوز في المُشَاع، كالبيع. وفي «المغني»: والفتوى اليوم على قولهما في إِجارة المُشاع، والحيلة في جوازها على قول الكل: أَنْ يرفع العقد إِلى قاضٍ يحكم به.

(ولا إِجَارَةُ الرَّحَى بِبَعْضِ دَقِيْقِه) أَي دقيق ذلك المستأجِر على طَحْنِهِ، فإِنْ


(١) الجُيوب: جَيب القميص ونحوه: ما يُدخَل منه الرأَسُ عند لُبسه. معجم لغة الفقهاء ص ١٦٩.
(٢) نَزْوُه على الإناث: نَزَوْت على الشئ إِذا وَثَبتُ عليه، والمراد حَمْله عليها للنَّسْل. النهاية ٥/ ٤٤.
(٣) المُشَاع: سَهْمٌ مُشاعٌ، وشائعٌ أَي: حِصةٌ من شئ غير مقسوم. معجم لغة الفقهاء ص ٤٣٠.
(٤) المهايأَة: الاتفاق على قسمة المنافع على التعاقب، فتكون العين المشتركة لهذا شهرًا ولهذا شهرًا مثلًا. معجم لغة الفقهاء ص ٤٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>