للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ يُكَبِّرَ ويُسَلِّم

===

اللهم من أحييتَه منا، فأحْيِهِ على الإسلام، ومن تَوَفَّيْتَه منا، فَتَوَفَّه على الإيمان». وفي رواية بتقديم شاهدنا وغائبنا على صغيرنا. وفي رواية زيادة: «اللهم إن كان محسناً، فزد في إحسانه. وإن كان مسيئاً، فتجاوز عن سيئاته، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تَفْتِنَّا بعده».

وروى مسلم، والترمذي، والنَّسائي، من حديث عَوْفِ بن مالك قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جِنَازة. فحفظتُ من دعائه عليه الصلاة والسلام: «اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه، واعف عنه، وأكْرِم نُزُله، ووسِّع مَدْخَلَه، واغْسِلْه بالماء والثلج والبَرَد، ونقِّه من الخطايا كما يُنَقَّى الثوب الأبيض من الدَّنَس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة، وعُذْهُ من عذاب القبر، ومن عذاب النار، حتى تمنيت أن أكون ذلك الميت». وفي الصبي والمجنون يقول: اللهم اجعله لنا فَرَطاً، واجعله لنا ذُخْراً، واجعله لنا شافعاً ومُشَفَّعاً. وأصل الفَرَط: من يتقدَّم الواردة ـ أي السَّيَّارة (١) ـ. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: «أنا فَرَطُكم على الحوض» (٢) .

(ثُمَّ يُكَبِّرَ ويُسَلِّمَ) تسليمتين ينوي فيهما ما ينوي في تسليمتي الصلاة، وينوي الميت بدل الإمام. وظاهر الرواية: أنه ليس بعد التكبيرة الرابعة سوى السلام. واختار بعضهم أن يقول {رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنةً} (٣) الآية وبعضهم: أن يقول {رَبِّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا} (٤) الآية وبعضهم: «اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تَفْتِنَّا بعده، واغفر لنا وله». وهو مختار الشافعي.

وفي «المحيط»: قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: من اسْتَهَلَّ بعد الولادة، سُمِّيَ، وغُسِلَ، وصُلَّيَ عليه، ووَرِث ويُوَرَّثُ، فإن لم يستهل: لم يُسَمَّ، ولم يُغَسَّلْ، ولم يَرِثْ، ولم يُوَرَّث. لأن الاستهلال دَلَالة الحياة. وروى الترمذي، وابن ماجه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الطفل لا يُصَلَّى عليه، ولا يَرِث ولا يُورَث حتى يستهل».

وروى ابن عَدِيّ في «الكامل» عن عليّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في السِّقْطِ (٥) : «لا يُصَلَّى عليه حتى يستهل، فإذا استهل صُلِّيَ عليه، وعَقَلَ (٦) ، ووَرِثَ.


(١) السَّيَّارة: القافلة. المعجم الوسيط ص: ٤٦٧، مادة (سار).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري) ١١/ ٤٦٣، كتاب الرقاق (٨١)، باب في الحوض … (٥٣)، رقم (٦٥٧٦).
(٣) سورة البقرة، الآية: (٢٠١).
(٤) سورة آل عمران، الآية: (٨).
(٥) السِّقْط: سبق شرحها ص: ٣١١، التعليقة رقم: (١).
(٦) عَقَلَ: أي دفع الدِّية بكونه واحدًا من العاقلة، وهم العصبة والأقارب من قِبَل الأب الذين يُعْطُون دِيَةِ قَتيل الخطأ. النهاية: ٣/ ٢٧٨، بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>