للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحُرُوفُ القَسَمِ: الواو، والباء، والتاء. وقد تُضمَر: كـ: اللهِ لأفعلنَّ.

===

(وحُرُوفُ القَسَمِ: الواو، والباء، والتاء) كقوله: واللَّهِ، وباللَّهِ، وتالله. لأن كل ذلك معهودٌ في الأَيمان ومذكور في القرآن، قال الله تعالى: {والله رَبِّنا ما كُنّا مشركين} (١) ، {يَحْلِفون بالله ما قالوا} (٢) ، {تاالله تفتؤُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} (٣) . وأصل هذه الحروف الباء، ولذا تدخل على الظاهر والمضمر نحو بالله، وبه. ويجوز إظهار الفعل معها نحو: حلفت بالله، وأُقسِمُ بالله. والواو ملحَقَة بها، ولهذا لا تدخل على المُضمَر، ولا يجوز إظهار الفعل معها. والتاءُ ملحقة بالواو وتدخل على لفظة «الله» خاصة. ورواية تَرَبَّ (٤) الكعبة شاذة.

(وقد تُضمَر) حروف القسم (كـ: الله لأفعلن) وفي نُسخة: لا أَفعله. وينصب الاسم حينئذٍ على إسقاط الخافض واتصال فعل الحلف به كقوله تعالى: {واختَار مُوسَى قَوْمَه} (٥) وهو أكثر استعمالاً، أو يُخفض على إضمار الخافض وبقاء أثره، وهو قليل شاذ. وحُكِيَ الرفع أيضاً نحو: الله لأفعلنّ على إضمار المبتدأ أو خبره وهو الأولى، لأن الاسم الكريم أعرَفُ المعارِفِ، فهو أولى بكونه مبتدأ، والتقدير: الله قسمي، أو قسمي اللهاُ لأفعلن. ولو قال: واللهاِ والرحمنِ يكون يمينين، إلا أن يريد تِكرار الأول في ظاهر الرواية، وعليه أكثر المشايخ.

وروى الحسن عن أبي حنيفة يكون يميناً واحداً وبه أخذ مشايخ سمرقند. ولو قال: والله والله فهو يمينان كذا ذكروه، وفيه أنه أولى بأن يصلح ثانِيه للتأكيد مما قبله. ولو قال: والله ووالله فيمينٌ واحد استحساناً. ولو قال: والله لا أكلمك والله لا أكلمك فيمينان. وروى الحسن إن نوى بالثاني الخبر عن الأول صُدِّق ديانة.

هذا، وإن وصل إن شاء الله بحلِفِهِ بَرّ، لما روينا في الطلاق من قوله عليه الصلاة والسلام: «من حَلَفَ على يمينٍ فقال: إن شاء الله فقد استثنى». رواه أبو داود والنسائي والحاكم في «مستدركه» عن ابن عمر. وكذا إذا نَذَرَ وقال: إن شاء اللهاُ مُتَّصِلاً لا يلزمه شيء.

قال محمد: بلغنا ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر، وكذا قال موسى


(١) سورة الأنعام، الآية: (٢٣).
(٢) سورة التوبة، الآية: (٧٤).
(٣) سورة يوسف، الآية: (٨٥).
(٤) حرفت في المطبوع إلى: "برب الكعبة".
(٥) سورة الأعراف، الآية: (١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>