للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسَوْكَنْدِ ميخُورَمْ بَخْدَايْ قَسَمٌ، وحقًا، وحقّ الله، وحُرْمَته وسَوْكَنْد خُورَمْ بَخُدَاي يابطلاق زن، وإن فعله فعليه غَضَبُه، أو سخطُه، أو لعنتُه، أو أنا زانٍ، أو سارقٌ، أو شاربُ خَمْر، أو آكِلُ ربًا.

===

يَكفر فيهما، لأنه لما أقدم على الفعل وعنده أنه يَكفر، فقد رضي بالكفر. وكذا لو قال: إنْ فَعَل كذا فهو يهودي، أو نصراني، أو مجوسي، أو بريء من الله، أو من النبي، أو من الإسلام، أو من القرآن، أو من القبلة، أو الكعبة، كان يميناً عندنا، ونفاه مالك والشافعي لما تقدم.

ولنا ما رُوِي عن ابن عباس أنه قال: من حلف بالتهود والتنصر فهو يمين. وأما ما في الصحيحين من قوله عليه الصلاة والسلام: «من حَلَفَ على يمين بمِلّة غير الإسلام كاذباً متعمداً فهو كما قال». فالظاهر أنه خَرَج مَخرَج الغالب، فإن الغالب ممن يحلف بمثل هذه الأيمان أن يكون من أهل الجهل لا يُعْرف منه إلا لزومُ الكفر على تقدير الحِنْث، لا من أهل العلم والخبر، فإن تمّ هذا وإلا فهي شاهد لمن أطلق القول بكفره.

(وسَوْكَنْدِ ميخُورَمْ بَخُدَايْ) أي أقسم بالله بلسان الفارسي، وكذا الحكم بسائر ألسنة العجم (قَسَمٌ) هذا خبر المبتدأ الذي هو قوله: لعَمْرُ الله وما عُطف عليه (وحقاً) أي قوله: حقاً (وحق الله وحرمته وسَوْكَنْد خُورَمْ بَخُدَاي) أي بصيغة الاستقبال (يابطلاق زن) يعني سَوْكَنْد خُورَمْ بطلاق زن (وإن فعله) أي كذا (فعليه غَضَبُه) أي غضب الله (أو سخطُه، أو لعنتُه) أو حرم الله عليه الجنة أو عذَّبه بالنار (أو أنا زانٍ، أو سارق، أو شارب خمر، أو آكل رباً) أي لا يكون قَسَماً. أما حقاً فلأنه يراد به تحقيق الوعيد، وأما حق الله فلأنه يراد به واحدُ الحقوق، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ: «هل تدري ما حقُّ الله على عباده» (١) .

وأما الغضب والسَّخط واللعنة، فلأنه يرادُ بها آثارُها وهي النار، ولأنه دعاء على نفسه، قال الله تعالى: {ويَدْعُ الإنسانُ بالشَّرِ دَعَاءَه بالخير} (٢) . ولأن واحداً من هذه الأمور لم يْتعارف الحَلِفُ به. وقيد بحق الله لأنه لو قال: والحق يكون قسماً، لأنه من أسمائه سبحانه. وأما قوله: أنا زان ونحوه فلعدم استلزام وجود الشرط وجودَ ما فعله جزاء من الزنا ونحوه، لتوقفه على فعل مستأنف.


(١) هو جزء من حديث طويل أخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري) ١٠/ ٣٩٧ - ٣٩٨، كتاب اللباس (٧٧)، باب إرداف الرجل خلف الرجل (١٠١)، رقم (٥٩٦٧).
(٢) سورة الإسراء، الآية: (١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>