الإيصاء، لأن المُوصِي ليس له ولاية إلزام المُوصَى إليه، فبقي مخيّراً.
(وَلَزِمَ) الإيصاء هذا الساكت (بِبَيْعِ شَيْءٍ) بأن يبيع شيئاً (مِنَ التَّرِكَةِ) لأنّ في ذلك دلالة على الالتزام والقبول، وهو معتبرٌ بعد الموت. وينفذ البيع لصدوره من الوصيّ (وَإنْ جَهِلَ بِهِ) أي بالإيصاء لأن العِلم ليس بشرطٍ في حقّه بخلاف الوكيل (فَإنْ رَدَّ) هذا الساكت (بَعْدَ مَوْتِهِ) أي موت الموصِي بأن قال: لا أقبل (ثُمَّ قَبِلَ) بعد ردّه بأن قال: قبلت (صَحَّ) قَبوله، لأن مجرد قوله:«لا أقبل» لا يبطل الإيصاء، لأن في إبطاله ضرراً بالميت.
(إِلاَّ إذَا نَفَّذَ قَاضٍ رَدَّهُ) بأن حكم بإخراجه عن الوصاية، لأن ردّه تأكَّد بحكم القاضي وتقوّى به (وإِلى عَبْدٍ) أي ومَنْ أوصى إلى عبدٍ (أَوْ كَافِرٍ أوْ فَاسِقٍ بَدَّلَهُ القَاضِي بِغَيْرِهِ) فإن هذه الوصية باطلةٌ على ما ذكره محمد. وعبارة القُدُورِي: أخرجهم القاضي عن الوصية، وهذا يدلّ على أن الوصية صحيحة، لأن الإخراج إنما يكون بعد الدُّخول.
(وَمَنْ أَوْصَى إلى عَبْدِهِ) أي جعل عبده وصياً (صَحَّ إنْ كَانَ وَرَثَتُهُ صِغَاراً) كلّهم، وهذا عند أبي حنيفة استحساناً. وقالا: لا يصحّ، وهو القياس، لأن الرِّقَّ ينافي الولاية. ولأبي حنيفة: أن لعبده من الشفقة ما لا يكون لغيره. (وإِلاّ) أي وإن لم يكن كلّهم صغاراً سواء كان كلّهم كباراً أو بعضهم (لَا) أي لا يصحّ الإيصاء، لأن للكبير أن يمنعه من أن يبيع نصيبه، حتّى له أن يبيع نصيبه من العبد، فيعجز عن الوفاء بما التزم من الوصاية، فلا يفيد الإيصاء إليه فائدة.
(و) مَنْ أَوْصى (إِلَى عَاجِزٍ عَنِ القِيَامِ بِهَا ضَمَّ) أي ضمّ القاضي (إليه غَيْرَهُ) رعاية لحقّ الموصِي والورثة. ولو شكى الوصيّ إلى القاضي (ذلك)(١) لا يجيبه حتّى يعرف ذلك حقيقةً، لأن الشاكي قد يكون كاذباً تخفيفاً على نفسه.
(وَيَبْقَى) وصيٌّ (أمِينٌ يَقْدِرُ) على التصرُّف وليس للقاضي أن يخرجه عن الوصاية، لأن الميت اختاره وارتضاه، ولأنه يقدّم على الأب مع وفور شفقته، فأولى أن يقدّم على غيره. ولو شكى الورثة أو بعضهم الوصيّ إلى القاضي، لا ينبغي له أن يعزله، لأنه