للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو يَصِحُّ مِنْ حَرٍ مُكلَّفٍ بِصَريْح لَفْظِهِ بِلا نِيّة: كـ: أنت حرٌ، أو مُعتقٌ، أو: عَتِيقٌ، أو: أعتقتُك، أو: مُحَرَّرٌ، أو: حَرَّرتُك، أو هذا مَوْلاي،

===

وفي لفظ: «من أعتق رقبةً مؤمنةً أعتقَ الله بكل عضو منها عضواً من أعضائه من النار، حتى الفَرْج بالفَرْج».

وروى الترمذي ـ وقال: صحيح غريب ـ عن أبي أُمَامَة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيُّما امرء مسلمٍ أعتَقَ امرأً مسلماً كان فِكَاكه من النار، يُجزاء كل عضو منها عضواً منه، وأيُّما امرء مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار، يُجزاء كل عضو منهما عضواً منه». وفي لفظ لأبي داود وابن ماجه: عن كعب بن مُرَّة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيُّما رجل مسلمٍ أعتَقَ رجلاً مسلماً، كان فِكَاكه من النار، وأيُّما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة، كانت فكاكها من النار». وفي قوله صلى الله عليه وسلم «أعتق الله بكل عضو» إيْمَاءٌ إلى ما ذهب إليه أبو حنيفة من أن العتق يتجزاء.

وأما الإجماع: فإنه ليس لأحد في استحبابه النزاع.

(وهو) أي الإعتاق (يَصِحُّ مِنْ حَرٍ) لأن المملوك لا مِلْك له، والعتقُ لا يقع إلا في الملك (مُكلَّفٍ) أي عاقلٍ بالغٍ ولو كافراً لأن العتقَ تبرُّع، وليس واحد من الصبي والمجنون بأهل له. ولهذا لو قال البالغ: أعتقت وأنا صبي، أو قال المفيقُ من جنونه: أعتقتُ وأنا مجنون، لم يقع عتق، لإسناده إلى حالة منافية. وكذا لو قال الصبي: إذا بلغت، أو المجنون: إذا أفقت فعبدي حرٌ، لأنه ليس بأهل لقول ملزم، وإنما لم يقل في ملكه كما قال غيره، لأن عِتقَ مِلك الغير موقوف على إجازة المالك. ومراده ما يصح، سواء كان نافذاً أو موقوفاً، ثم مال العبد وقت العتق لمولاه عند الجمهور. وقال الحسن، وعطاء، والنَّخَعي، ومالك، وأهل المدينة: للعبد.

(بِصَريْح لَفْظِهِ) وهو لفظ يدل على العتق بالوَضْع، (بِلا نِيّة، كأنت حرٌ، أو معتَقٌ، أو عَتِيقٌ، أو أعتقتُك، أو مُحَرَّرٌ، أو حَرَّرتُك) لأن هذه الألفاظ موضوعة للإعتاق شرعاً وعرفاً، فلا يفتقر إلى نية. ولو قال: أردت الكذب، أو أنه حر من العمل صُدِّق دِيَانة ـ لأنه مُحْتَمَل كلامه ـ لا قضاءً، لأنه خِلاف الظاهر. (أو هذا مَوْلاي) (أو هذه مولاتي) (١) لأنه وصف لولاية العَتَاقة السفلى، فَيَعْتِقُ من غير نية، لأن المَوْلى لا يكون هنا بمعنى المَوَالي في الدين، لأنه مجازٌ لا دليل عليه، ولا بمعنى الناصر، لأن المالك لا يستنصر بمملوكه، ولا بمعنى ابن العم، لأن الكلام في العبد المعروف


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>