للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو: يا مَوْلاي، و: رأسُكَ حُرٌّ ونَحْوُه، مما عُبِّر به عن البَدَنِ وبكنَايِتهِ إنْ نوى، كـ: لا مِلك لي عليك، و: لا سبيل ولارِقّ، و: خرجتَ عن ملكي، وخَلَّيتُ سبيلَك،

===

النَّسَب، ولا بمعنى المُعْتَق، لأن إضافته إليه في العبودية ينافي ذلك، فالتحق بالصريح، فلم يحتج إلى النية. ولو قال: عنيت به المَوَالي في الدين، أو الكذب، يُصدَّق دِيَانة للاحتمال، لا قضاءً لمخالفة الظاهر.

(أو يا مَوْلاي) وإن لم ينو به العتق، لأن نداءه بهذا الوصف يقتضي ثُبُوتَه. وإثباتُه من جهته ممكن، فيثبت تصديقاً له، وكذا لو قال: يا عَتِيق، أو يا حر، إلا إن كان اسمه وناداه به، لأن مراده حينئذٍ الذات دون الوصفِ (١) ، حتى لو ناداه بلفظ آخر بمعناه عَتَق.

مثل أن يكون اسمه حراً فيقول: يا عتيق أو بالعكس، إذ الأَعلام لا تتغيَّر فيعتبر إخباراً عن الوصف. وشرط زفر النية في «يا مولاي» ونحوه. وبه قال مالك والشافعي، لأن هذا اللفظ في موضع النداء يراد به الإكرام لا التحقيق، كقوله: يا سيدي، يا مالكي، وأنا عبدك ونحو ذلك، فإنه لا يعتِق بلا نية، فكذا إذا قال: يا مولاي.

ولنا أن الكلام محمولٌ على حقيقته ما أمكن، وحقيقة قوله: يا مولاي أن يكون له عليه وَلاء، وقد تعيّن المُعتَقُ لذلك، فالتحق بالصريح، بخلاف نحو: يا سيدي، فإنه ليس فيه ذكر ما يختص بإعتاقه إياه، فكان إكراماً محضاً.

(ورأسُكَ حُرٌ ونحوه مما عُبِّر به عن البَدَنِ) كالوجه، والرأس، والرقبة. وأما الفَرْج فيختص بالأمة لقوله صلى الله عليه وسلم «لعن الله الفُروجَ على السُّروجِ» (٢) ، لأن التحرير يقعُ في جملة الأعضاء، فلا بد من الإضافة إليها، أو إلى ما يُعبر به عنها، حتى لو أضافه إلى غير ذلك، كاليد والرجل لا يقع عندنا، خلافاً لمالك، والشافعي، وأحمد، وهو قول زفر. وقد مرت المسألة في الطلاق.

(وبِكنَايتِهِ) عطف على «بصريح لفظه». وكناية العتق لفظ غير موضوع له يحتمله وغيره (إنْ نوى) الإعتاق، قَيَّد به، لأن أحد المُحتَمَلين لا يتعين إلا بالنية إزاحة للاشتباه والاحتمال، (كـ: لا مِلك لي عليك، ولا سبيل) لي عليك أو إليك (ولا رِقّ) لي عليك، (وخرجت عن ملكي، وخَلَّيتُ سبيلَك) لأن كلاً من هذه الأشياء يكون بالبيع، وبالكتابة، وبالعتق، والمُحتمِلُ لا يتعينُ فيه جهة بلا نية، فلا يعتق بدونها.


(١) عبارة المطبوع: "لأن مراده حينئذ دون الوصف".
(٢) قال الإِمام ابن حجر في الدراية ٢/ ٧١: لم أَجده، والذي وجدناه من حديث ابن عبّاس رَفَعه: "نهى ذوات الفُرُوج أن يركبن السروج". أَخرجه ابن عَدِي بإِسناد ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>