للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأمتِهِ: قد أطلقتك، وبـ: هذا ابني للأصْغَرِ والأكْبَرِ، لا بـ: يا ابني و: يا أخي،

===

(ولأمتِهِ) وكذا لعبده (قد أطلقتك) لأنه بمنزلة: خلَّيتُ سبيلك (وبـ: هذا ابني) عطف على «بصريح لفظه» أو على قوله: بكنايته، كما صرح به المصنف في «شرح الوقاية». وإنما ذكر حرف الباء لئلا يُتَوَهم أنه عطف على أَمثلة الكناية كما صرح به فيلزم حينئذ أنه كناية وليس كذلك، لأنه لو كان كناية لاحتاج إلى النية، وهو غير محتاج إليها (للأصْغَرِ) سناً من مالكه (والأكْبَرِ) سناً منه.

أما الأصغر إذا كان يولد مِثْلُه لمثله ولم يكن ثابت النسب من غيره، فلأنه ثَبَتَ نسبُه منه، فَيَعْتِقُ عليه وإن لم ينو، وإذا كان لا يولد مثله لمثله، أو كان ثابت النسب من غيره، فلأن الحرية لازمة للبنوة إلا أن تكون الأُم أَمة الغير. والإقرار بالشيء إقرار بلوازمه، فيكون هذا مجازاً عن الحرية فيعتِق وإن لم ينو، لأن المجاز متعين. وأما الأكبر فالمذكور قول أبي حنيفة، وأما عندهما: فلا يعتق لأنه محال، فَيُردّ كما لو قال: أعتقتك قبل أن أخلق، أُو قبل أن تُخْلق.

ولأبي حنيفة: أنه صحيح بمجازه، فيصار إليه وإن كان مستحيلاً بحقيقته، كمن حَلَفَ لا يأكل من هذه النخلة، فإنه ينصرف إلى ما يخرج منها. والإعتاق قبل الخَلْقِ إعتاقٌ قبل المِلْك، فيستحيل بالكلية. وعلى هذا الخلاف لو قال للأصغر: هذا أبي، أو هذه أمي. وفي «الذخيرة»: لو قال لغلامه: هذا عمي، أو هذا خالي يعتِق، ولو قال: هذا أخي لا يعتِق في ظاهر الرواية، لأن اسم الأخ يطلق على الأخ في الدين، قال الله تعالى: {إنَّما المؤمنونَ إخوَة} (١) ، وعلى الأخ في القبيلة قال الله تعالى: {وإلى عادٍ أخَاهُم هوداً} (٢) ، وكذا لا يعتق بـ: هذه بنتي في الأظهر. ولو قال: هذا ابني من الزنا يعتِق، ولا يثبت نَسَبُه لقوله عليه الصلاة والسلام: «الولدُ للفِرَاش وللعاهِرِ الحَجَر» (٣) .

(لا) يعتق (بـ: يا ابني و: يا أخي) على ظاهر الرواية. وروى الحسن عن أبي حنيفة: أنه يعتق، والظاهر الأول، لأن المقصود بالنداء استحضار المُنادَى، فإن كان بوصف لا يمكن إثباته من جهة المُنادِي نحو: يا ابني كان لمجرد الإعلام دون تحقيق الوصف لتعذره، لأنه لا يمكن إثبات البنوة بالنداء، سواء خُلق من مائه أو من ماء غيره،


(١) سورة الحجرات، الآية: (١٠).
(٢) سورة هود، الآية: (٥٠).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري) ٤/ ٢٩٢، كتاب البيوع (٣٤)، باب الحلال بيّن والحرام بيّن (٢) رقم (٢٠٥٣). ومسلم ٢/ ١٠٨٠، كتاب الرضاع (١٧)، باب الولد للفراش (١٠)، رقم (٣٦ - ١٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>