قول مالك والشافعي. وغاية ما فيه أن يتصور فيه دعوى حُسْبة، فَيُجبِرهُ القاضي لترك الواجد.
ويُقوِّيه ما في حديث يَعْلى بن مُرَّة الثَّقَفي على ما رواه البغوي: بينا نحن نسير مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ مررنا ببعير يُسْنَى عليه (١) ، فلما رآه البعيرُ جَرْجَرَ ـ أي صَوَّت ـ ووضَع جِرَانه ـ وهو بكسر الجيم: مُقدَّم عُنُقِه ـ فوقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أين صاحبُ هذا البعير»؟ فجاء فقال:«بِعْنِيه» فقال: لا بل أهَبه لك يا رسول الله، فقال:«لا، بِعْنِيْه» قال: لا بل نهَبه لك يا رسول الله، وإنه لأهل بيتٍ ما لهم معيشة غيره، فقال:«أما إذ ذكرت هذا من أمره، فإنه شَكَى كثرة العمل، وقِلَّة العَلَفِ، فأحسنوا إليه».
وأما غير الحيوان، كالعَقَار، والزرع، والشجر، فيُكره له أن لَا ينفق عليها حتى تفسد، للنهي عن تضييع المال. ولو كان عبدٌ بين رجلين يُجبَرَان على نفقته. وفي الدَّابة لا يجبران، فلو طَلَب أحدهما من القاضي أن يأمره بالنفقة عليها حتى لا يكون متطوعاً، فالقاضي يقول للآبي: إما أن تبيع نصيبك من الدابة، أو تنفق عليها رِعاية لجانب الشريك، هكذا ذكره الخَصَّاف. وفي «المحيط»: يُجبر صاحبه، لأنه لو لم يُجبر لتضرر الشريك. ولو امتنع المولى من الإنفاق على عبده، فتناول من مال سيده، فله ذلك إن كان عاجِزاً عن الكسب، أو قادراً عليه ونهاه عنه، وإلا فليس له ذلك. ولو أعتق عبداً زَمِناً أو صغيراً سقطت نفقته، ويجب في بيت المالِ، لأنه ليس بينهما مَحرميَّة، والله تعالى أعلم.