للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

عُدَّةً في الزمان الآتي. وقال الشافعي وأحمد: يَقْسِم الأراضي ولا يتركها في أيديهم. وقال مالك في المشهور عنه: وهي وقفٌ على مصالح المسلمين، وعنه: أن الإمام يقسمها كمذهب الشافعي، وعنه: أنه مخيّر كمذهبنا.

ولنا: ما روى البخاري في «صحيحه» عن أسلم أنّ عمر قال: والذي نفسي بيده، لولا أن أترك آخر الناس (بَبَّاناً) (١) ليس لهم شيء، ما فُتِحَت عليَّ قرية إلاّ قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خَيْبَر، ولكني أتركها لهم خِزانة يقتسمونها. وما في «الموطأ»: أخبرنا زيد بن أسلم، عن أبيه قال: سمعت عمر يقول: لولا أن نترك آخر الناس لا شيء لهم، ما افتتح المسلمون قرية إلاّ قسمتها سُهماناً كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خَيْبر سُهماناً.

وروى أبو داود في «سننه» من حديث سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يَسَار أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا أفاء الله عليه خَيْبَر، قسمها ستة وثلاثين سهماً، جمع فعزل للمسلمين الشطر ـ ثمانية عشر سهماً ـ يجمع كل سهم مئة، والنبيّ صلى الله عليه وسلم معهم له سهمٌ كسهم أحدهم، وعزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سهماً، وهو الشطر الآخر ـ لنوائبه وما ينزل به من أمر المسلمين، فلمّا صارت الأموال بيد النبيّ صلى الله عليه وسلم ـ والمسلمين لم يكن لهم عمّال يكفونهم عملها ـ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود فعاملهم. زاد أبو عُبَيْد في «كتاب الأموال»: فعاملهم على نصف ما يخرج منها، فلم يزل على ذلك حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حتى كان عمر، فكثر العُمّال في المسلمين وقووا على العمل، فأجلى عمر اليهود إلى الشام وقسم الأموال بين المسلمين إلى اليوم.

وروى ابن سعد في «الطبقات» وابن زَنْجُويه في كتاب «الأموال» في ترجمة عثمان بن حُنَيْف: أنّ عمر بن الخطاب وجّه عثمان بن حُنَيف على خَرَاج السواد، ورزقه كل يوم ربع شاةٍ وخمسة دراهمٍ، وأمره أن يمسح السواد عامره وغامره، ولا يمسح سَبْخَةً (٢) ولا تلاً ولا أجَمَةً (٣) ولا مستنقعَ ماءٍ ولا ما لا يبلغه الماء. فمسح


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط، وهي محرّفة في المطبوع إِلى بياتًا والصواب ما أَثبتناه لموافقته لما في صحيح البخاري "فتح الباري" ٧/ ٤٩٠، كتاب المغازي (٦٤)، باب غزوة خيبر (٣٨)، رقم (٤٢٣٥)، ومعنى الببَّان: المعدم الذي لا شيء له.
(٢) السَّبْخَةُ: أَرض ذات ملحٍ ونزٍّ لا تكاد تُنْبِتُ. المعجم الوسيط ص ٤١٣، مادة (سبخ).
(٣) الأَجَمَة: الشجر الكثير الملتف. المعجم الوسيط ص ٧، مادة (أَجم).

<<  <  ج: ص:  >  >>