(وَإنْ كَانَ أَحَدُهُمَا) أي جاز إن لم يكن أحد البَدَلَيْنِ الذين هما الخبز والبُرّ أو الخبز والدّقيق نسيئةً، وإن كان أحدهما (نِسَيَئةً) أمّا إن كان البُرّ هو النَّسيئة، فالجواز باتفاقٍ لإمكان ضبطه. وإن كان الخبز هو النَّسيئة، فعند أبي يوسف إذا ذكر وزناً معلوماً. ونوعاً معلوماً، وعليه الفتوى لحاجة النَّاس إليه.
(لَا البُرُّ) أي لا يجوز البُرُّ (بالدّقيقِ أوْ بالسَّوِيقِ) أي بدقيق البُرّ أو سويقه متفاضلاً أو متساوياً. أمّا متفاضلاً، فلأنّ كلّ واحدٍ من الدّقيق والسَّويق بُرٌّ من وجهٍ وإن اخْتُصَّ باسم، لأن كلّ واحدٍ منهما من أجزاء البُرّ، لأنّ الطَّحن لم يعمل إلا تفريق الأجزاء، والمجتَمِع لا يصير بالتّفريق جنساً آخر. وأمّا متساوياً، فلأنّ المعيار فيه الكيل، وهو غير مستوٍ بينهما وبين البُرّ لاكتنازهما وتخلخل البُرِّ؛ ويجوز عند مالكٍ وأحمد في روايةٍ بيع البُرِّ بالدّقيق وبالسَّويق كيلاً ووزناً.
(وَلَا الدَّقِيقُ بالسَّوِيقِ) أي دقيق البُرّ بسويقه (مُتَفَاضِلاً أوْ مُتَسَاوِياً) وهذا عند أبي حنيفة لبقاء المجانسة من وجهٍ، إذ السَّويق أجزاء حِنْطة مَقْليّة، والدّقيق أجزاء حِنْطة غير مَقْليّة.
وبيع الحِنْطة المقليّة بغير المقليّة لا يجوز بحالٍ، فكذا بيع الدّقيق بالسّويق. وقال أبو يوسف ومحمد: يجوز الدّقيق بالسّويق كيفما كان، لأنّهما جنسان مختلفان لاختلاف اسميهما والمقصود منهما، لأنّ أحدهما يصلح لِمَا لا يصلح له الآخر. فإن الدّقيق يصلح للخبز والعصيد ونحوهما، ولا يصلح لشيء من ذلك السّويق، بل يلّت بالسّمن أو العسل ويؤكل.
(وَلَا يَجُوزُ السِّمْسِمُ بِالحَلِّ) ـ بفتح الحاء المهملة ـ وهو دُهْن السمسم المسمّى بالشَّيْرَج (إلاّ أنْ يَكُونَ الحَلُّ أكْثَرَ مِمَّا) أي من حَلّ أو من الذي (في السِّمْسِمِ) ليكون قدر الحَلّ بمثله والزائد بالثُّفْل (١) ، وكذا بيع الزَّيتون بزيته، والجوز بدُهنه، واللبن بسمنه، والسمن بزبده، والعنب بعصيره على ما في «الهداية» وغيره. وعند مالك والشّافعي وأحمد لا يجوز أصلاً.
(وَيُسْتَقْرَضُ الخُبْزُ وَزْناً لا عَدَداً) وهذا عند أبي يوسف في «الكافي»، وعليه
(١) الثُّفْل: ما يتبقى من المادة بعد عصرها. المعجم الوسيط ص: ٩٧ مادة: (ثفل).