للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإنْ قَرِبَهَا حَنِثَ.

ويَجِبُ الكَفَّارَةُ في الحَلِفِ بالله، وَفِي غَيرِهِ الجَزاءُ، ويَسْقُطُ الإيلاءُ وَإلَّا بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ،

===

(فَإنْ قَرِبَهَا) أي وطئها الزَّوج في المدّة، أي في أربعة أشهرٍ في الحُرَّة، وفي شهرين في الأمة (حَنِثَ) لفوات البِّر (ويَجِبُ الكَفَّارَةُ في الحَلِفِ بالله) وهو قول مالك، والشّافعيّ في الجديد، وأحمد، لأنّ هذا النوع من الحَلِف مُوجِبٌ للكفارة عند الحنث.

(وَ) يجب (فِي غَيْرِهِ) أي في غير الحَلِف بالله وهو التعليق (الجَزَاءُ) لتحقق موجبه (ويَسْقُطُ الإيلَاءُ) بإجماع العلماء لانحلال اليمين بالحِنْث.

(وَإلاَّ) أي وإن لم يقربها الزّوج في المدّة (بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ) ولا تتوقّف الفُرْقة بينهما على تطليقه إياها، أو تفريق الحاكم بينهما عندنا. وقال مالك، والشافعيّ، وأحمد يُوقَفُ حتّى يطلِّق. والمسألة ذات خلافٍ بين الصّحابة والتابعين. قال البخاري في «صحيحه»: قال لي إسماعيل: حدّثني مالك، عن نافع، عن ابن عمر: إذا مضت المدّة يُوقَفُ حتى يطلِّق. ولا يقع عليه الطّلاق حتّى يطلّق. قال ويُذْكَرُ عن عثمان، وعليّ، وأبي الدرداء، وعائشة، واثني عشر رجلاً من الصحابة.

وقال أبو عيسى الترمذيَّ في «جامعه»: اختلف أهل العلم، فقيل: إذا مضت أربعة أشهرٍ يوقّف فإمّا أنْ يفيء، وإمّا أنْ يطلّق. وهو قول مالك والشافعيّ وأحمد وإسحاق. وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إذا مضت أربعة أشهر، فهي تطليقةٌ بائنةٌ. انتهى. وفي «موطّأ محمد بن الحسن»: بلغنا عن عمر بن الخطّاب، وعثمان بن عفّان، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، أنهم قالوا: إذا آلى الرّجل من امرأته، فمضت أربعة أشهرٍ قبل أن يفيء، فقد بانت بتطليقةٍ، وهو خاطبٌ من الخُطَّاب. وكانوا لا يروْن أن توقّف بعدها أربعة أشهر.

قال ابن عبّاس في تفسير هذه الآية: {لِلّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أرْبَعَةِ أشْهُرٍ فَإنْ فَاؤُا فَإنّ اغَفُورٌ رحيمٌ وإنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فإنَّ اسَمِيعٌ عَلِيمٌ} (١) الفيء: الجماع في الأربعة الأشهر، وعزيمة الطّلاق: انقضاء الأربعة الأشهر، فإذا مضت بانت بتطليقةٍ ولا توقّف بعدها. وكان ابن عباس أعلم بتفسير القرآن من غيره. انتهى كلام محمد.

ثم عندهم الفيء الذي يُؤْمَرُ به الزّوج بعد مُضِيّ المدّة لقوله تعالى: {فإنْ فَاؤُا}


(١) سورة البقرة، الآية: (٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>