للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والزَّوْجُ الثَّانِي يَهْدِمُ مَا دُونَ الثَّلاثِ، خِلافًا لِمُحَمَّد.

===

(والزَّوْجُ الثَّانِي يَهْدِمُ مَا دُونَ الثَّلاثِ) عند أبي حنيفة (وأبي يوسف) حتى لو طلّقها واحدة، وانقضت عدّتها، وتزوّجت بآخر وطلّقها، وانقضت عدّتها منه، ثم تزوّجها الأوّل يملك عليها ثلاثاً إن كانت حرّة، وثِنتين إن كانت أَمة.

(خِلَافاً لِمُحَمَّد) فإنّ عنده لا يهدِم، فيملكها الأوّل إذا عادت إليه بعد زوج بما بَقِيَ من الثلاث. وبه قال مالك والشافعيّ وأحمد وزُفَر لِمَا روى البَيْهَقِيّ في «المعرفة» من طريق الشافعيّ، عن ابن عُيينة (عن الزُّهْرِيّ، عن حُمَيد بن عبد الرحمن بن عَوْف، وعبيد الله بن عبد الله بن عُتْبَة،) (١) وسُلَيْمَان بن يَسَار أنهم سمعوا أبا هريرة يقول: سألت عمر بن الخطّاب عن رجلٍ من أهل البَحْرين طلّق امرأته تطليقة أو تطليقتين، ثم انقضت عدّتها. فتزوّجها غيره، ثم فارقها، ثم تزوّجها الأوّل. قال: هي عنده على ما بَقِي. وروى أيضاً ـ من حديث الحاكم ـ ابن عُيَيْنَة، عن يزيد بن جابر، عن أبيه أنه سمع عليّ بن أبي طالبٍ يقول: هي على ما بَقِي. ونُقِلَ مثله عن أُبيّ بن كعب، وعِمْران بن حُصَيْن.

ولأبي حنيفة وأبي يوسف: ما روى محمد في «الآثار» عن أبي حنيفة، عن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان، عن سعيد بن جُبَيْر قال: كنتُ جالساً عند (عبد الله بن) (٢) عُتْبَة بن مسعود إذ جاءه أعرابي، فسأله عن رجلٍ طلّق امرأته تطليقة أو تطليقتين، ثم انقضت عدّتها وتزوّجت زوجاً غيره فدخل بها، ثم مات عنها أو طلّقها، ثم انقضت عدّتها فأراد الأوّل أن يتزوّجها، على كم هي عنده؟ فالتفت إلى ابن عبّاس وقال: ما تقول في هذا؟ فقال: يَهْدِم الزّوجُ الثّاني الواحدةَ والثِّنتين والثلاث، واسأل ابن عمر. قال: فلقيت ابن عمر فسألته، فقال مثل ما قال ابن عبّاس. قال بعض المحققين: الظاهر ما قال محمد وباقي الأئمة. ولقد صدق قول صاحب «الأسرار»: مسألةٌ اختلف فيها كبار الصحابة (يَعُوز فِقْهُها) (٣) ، ويَصْعُب الخروج عنها.


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط. وعَوِزَ الشيء: لم يُوجَد مع الحاجة إليه. المعجم الوسيط، ص ٦٣٦، مادة (عازه).

<<  <  ج: ص:  >  >>