للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصَحَّ عِنْدَهُ وَقْفُ المُشَاعِ،

===

«غير مُتَأثِّلٍ (١) مالاً». وفي بعض طرق البخاري: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «تصدّق بأصله، لا يباع، ولا يوهب، ولا يُورَث، ولكن يُنْفَقُ من ثمره» فتصدّق به عمر.

وفي «الإسْعَاف»: ما حدّث به الخصَّاف عن محمد بن عمر الوَاقِدِيّ قال: قُتِل مُخَيْريق على رأس اثنين وثلاثين شهراً من مُهَاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأوصى إن أُصِيبَ فأمواله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبضها عليه الصَّلاة والسلام وتصدّق بها، وهي سبعة حوائط (٢) بالمدينة (الأعراف ـ وقيل (٣) ): الأعواف ـ والصَّافية، والدَّلَال، والمِيثَب، وبُرقة، وحَسناء، ومَشْرَبَة أمّ إبراهيم، سُمِّيت بها لنزول أمّ إبراهيم فيها.

وما حدّث عنه أيضاً: أن أبا بكر وعثمان وعلياً وجمعاً من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأزواجه حَبسوا على نحو ما حبس عمر رضيَ اللَّه عنه، فكان هذا إِجماعاً فِعْلياً منهم على صحته ولزومه.

قال في «المَبْسُوط»: وقد استبعد محمد قول أبي حنيفة في «الكتاب»، وسمّاه تحكّماً على النّاس من غير حجّة، فقال: ما أخذَ النّاس بقول أبي حنيفة وأصحابه إلاّ بتركهم التحكّم على النّاس. فإذا كانوا هم الذين يتحكَّمون على النّاس بغير أثرٍ ولا قياس ولم يقلِّدوا هذه الأشياء فكيف يُقَلَّدُونَ؟ (٤) ، ولو جاز التقليد لكان من مَضَى قبل أبي حنيفة مثل الحسن البَصْرِيّ، وإبراهيم النَّخَعِيّ أحرى أنْ يُقَلَّدُوا. ولم يُحْمَدْ على ما قاله. وقيل: بسبب ذلك انقطع خاطره فلم يتمكن من تفريع مسائل الوقف حتّى خاض في الصُّكوك، واستكثر أصحابه (من بعده من تفريع) مسائل الوقف كالخصَّاف وهلال (٥) ، والله تعالى أعلم بالحال.

ولأبي حنيفة ما أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في «سننه» في الفرائض عن عِكْرِمة، عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا حبس في فرائض الله». وفي نسخة: «عن فرائض الله» أي لا مال يحبس بعد موت المالك عن القسمة بين ورثته. ورواه ابن أبي شَيْبَةَ عن عليّ موقوفاً. وقال ابن أبي شَيْبَة في «مصنفه»: عن شُرَيْح أنّه قد جاء محمد صلى الله عليه وسلم ببيع الحبس.

إذا عرفت ذلك (فَصَحَّ عِنْدَهُ) أي عند أبي يوسف (وَقْفُ المُشَاعِ)

وبه قال مالك والشّافعيّ، لأنّ القسمة من تمام القبض، والقبض ليس عنده بشَرطٍ فكذا تتمته.


(١) مُتَأثِّل: أَثّل مالًا: ادّخره ليستثمره. المعجم الوسيط ص ٦، مادة (أثل).
(٢) الحوائط: جمع حائط وهو البُستان. المعجم الوسيط ص ٢٠٨، مادة (حاط).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٤) في المخطوط: يَعْتَدُّون، والمثبت من المطبوع. وهي من كلام الشارح. راجع المبسوط ١٢/ ٢٨.
(٥) انتهى كلام المبسوط. ١٢/ ٢٨، وما بين الحاصرتين منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>