للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهُوَ مِلْكٌ لِلْمُجِيزِ وأمَانَةٌ عِنْدَ بَائِعِهِ، وَلَهُ فَسْخُهُ قَبْلَ الإجَازَةِ. وَجَازَ إعْتَاقُ المَشْتَرِي مِنَ الغَاصِبِ لَا بَيْعُهُ، إنْ أُجِيزَ بَيْعُ الغَاصِبِ.

===

على إجازة المالك، بل فيه نفعٌ له حيث سقط عنه مؤنة طلب المشتري وقرار الثمن.

وفيه نفع العاقد من حيث صيانةُ كلامه عن الإلغاء، وفيه نفع المشتري. فتثبت القدرة الشَّرعية تحصيلاً لهذه الوجوه على أَنْ الإذن ثابتٌ دلالةً، لأنّ كلّ عاقلٍ راضٍ بتحصيل التّصرّف النافع له. وكذا كل ما له مجيزٌ حالة وقوعه من العقود والفسوخ والنِّكاح والطَّلاق، فهو على الخلاف، وإن لم يكن له مجيزٌ حالة العقد لا يتوقّف ويقع. وإنّما شُرِطَ بقاء العاقدَيْن والمعقود عليه وله، لأنّ الإجازة تصرّفٌ في العقد فيفتقر إلى قيامه، وقيامه بقيام هذه الأشياء.

وخَصَّ المصنف بيع الفُضُولِيّ بالحكم، لأنّ شراءه لا يتوقّف على الإجازة، بل إن وجد نفاذاً على الفُضُولي نفذ عليه، وإن لم يجد نفاذاً عليه بأن كان محجوراً عليه يتوقّف. وقال الشّافعيّ في القديم: يتوقّف كالبيع، وبه قال مالك وأحمد في روايةٍ. ولنا: أنّ الثَّمن في الشِّراء لازمٌ لذِمَّة المشتري بالتزامه فينفذ. بخلاف البيع، فإنّ قيامه بالمبيع وهو ملك لغيره، ويتضرر بلزوم العقد فيه، فيتوقّف على رضاه. ولم يفرّق بينهما صاحب «المواهب» حيث قال: ويجوز تصرف الفُضُوليّ من الإيجاب والقَبول عندنا.

(وَهُوَ) أي الثَّمن إذا أجاز المالك البيع (مِلْكٌ لِلْمُجِيزِ) وهو المالك (وأمَانَةٌ عِنْدَ بَائِعِهِ) وهو الفُضُوليّ لأنّه حينئذٍ بمنزلة الوكيل، لأنّ الإجازة اللاحقة بمنزلة الوكالة السابقة. (وَلَهُ) أي للبائع الفُضُوليّ، (فَسْخُهُ) أي البيع (قَبْلَ الإجَازَةِ) دفعاً للحقوق عن نفسه، بخلاف الفُضُوليّ في النِّكاح، فإنه ليس له الفسخ قبل الإجازة، لأنّ الحقوق لا ترجع إليه، لأنّه سفيرٌ محضٌ، فإذا حصل منه العقد انتهى أمره فصار كأجنبيّ.

(وَجَازَ إعْتَاقُ المَشْتَرِي مِنَ الغَاصِبِ) إن أجيز بيع الغاصب (لَا بَيْعُهُ) أي لا يجوز بيع المشتري من الغاصب (إنْ أُجِيزَ بَيْعُ الغَاصِبِ) يعني مَنْ اشترى عبداً من الغاصب فأعتقه ثم أجاز المولى ذلك الشّراء جاز العتق، وإن باعه المشتري فأجاز المولى الشَّراء الأول لم يجز الشراء الثاني، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله.

وقال محمّد وزُفَر، وهو روايةٌ عن أبي يوسف رحمهم الله: لا يجوز العتق أيضاً، وهو القياس وقول مالك والشّافعيّ. وهذه ثانية المسألتين اللّتين جرت المحاورة فيهما بين أبي يوسف ومحمد رحمهما الله.

وقال أبو يوسف لمحمد: رويت لك إنّ العتق باطلٌ عند أبي حنيفة رحمه الله، وقال محمد: رويت لي أنّ العتق جائزٌ عنده. وحاصل الخلاف راجعٌ إلى أنّ إعتاق المشتري من الغاصب موقوفٌ عند أبي حنيفة وأبي يوسف

<<  <  ج: ص:  >  >>