للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بالعُمْرةِ، ثُم أَهَلَّ بالحجِّ فَتَمَتَّعَ الناسُ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بالعُمرةِ إِلى الحج، فكان مِنَ الناسِ مَنْ أَهْدَى فساقَ الهَدْيَ، ومنهم مَنْ لم يَهْدِ، فلما قَدِم النبيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ قال للناسِ: «مَنْ كان مِنْكم أَهْدَى فإِنَّه لا يَحِلُّ مِنْ شيءٍ حَرُمَ عليه حتى يَقْضِيَ حَجَّه، ومَنْ لم يكنْ منكم أَهْدَى فَلْيَطُف بالبيتِ، وبالصفا والمروة، وليُقَصِّر، وليَحْلِل، ثُم ليهل بالحج». وفيهما عن ابن عمر أَيضاً قال: خَرَجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي بالحجِّ ولَبَّيْنَا معه، فَلَمَّا قَدِمَ أَمرَ مَنْ لم يكنْ معه الهَدْيُ أَنْ يَجْعَلُوها عُمْرةً.

وفيهما أَيضاً عن ابن عباس قال: كانوا يَرَوْنَ العمرةَ في أَشْهُرِ الحج مِنْ أَفْجَرِ الفجورِ في الأَرض، ويَجْعَلونَ المُحَرَّمَ صَفَراً يقولون: أَذا بَرَأَ الدَّبَرُ (١) ، وَعَفَا الأَثَرُ (٢) ، وانْسَلَخَ صَفَرُ، حَلَّتِ العُمرةُ لِمَنْ اعتمر، فَقَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأَصحابُهُ صبيحةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بالحج، فأَمَرَهم أَنْ يجعلوهَا عُمرةً، فَتَعَاظم ذلك عندهم، فقالوا: يا رسولَ اللهِ: أَيُّ الحِلِّ؟ قال: «الحِلُّ كُلُّه». وفيهما أَيضاً عن عائشةَ قالت: خَرَجنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ولا نَرَى إِلاَّ أَنَّه الحَجُّ، فلمَّا قَدِمْنَا تَطَوَّفْنَا بالبيتِ، فأَمَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مَنْ لم يكنْ ساق الهَدْيَ أَنْ يَحِلَّ، فَحَلَّ مَنْ لم يكنْ ساقَ الهَدْيَ، ونِساؤهُ لم يَسُقْنَ فأَحْلَلْنَ.

وفي مسلمٍ عن سعيد قال: خَرَجنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَصَرَخَ بالحجِّ صُرَاخاً، حتى إِذا طُفْنَا بالبيتِ قال: اجْعَلُوها عمرةً إِلاَّ مَنْ كان مَعه هَدْيٌ، قال: فجعلنَاهَا عمرةً، فلمَّا كان يومُ الترويةِ (٣) خَرَجنا بالحجِّ، فانْطَلَقْنَا إِلى مِنَى. وفي «الصحيحين» من حديث أَبي مُوسى الأَشْعَرِيِّ قال: بَعَثَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أَرْضَ قَوْمي، فَلَمَّا حَضَر الحَجُّ حَجَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وَحَججتُ، فَقَدِمتُ عليه وهو نَازِلٌ بالأَبْطَحِ، فقال: «بِما أَهْلَلْتَ يا عبدَ اللهِ بنَ قَيْس؟» قال: قلت: لَبَّيْكَ (بِحَجَ كَحَجِّ) (٤) رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَحْسَنت»، ثُم قال: «هل سُقْتَ هَدْياً؟» فقلت: ما فعلت، قال: «اذهبْ فَطُفْ بالبيتِ، وبين الصَّفا والمَرْوة، ثُم احْلِل»، فانْطَلقتُ فَفَعلتُ ما أَمَرَنِي وأَتيتُ امرأَة مِنْ قومي فَغَسَلَتْ رَأْسِي بالخَطْمِيِّ (٥) وفَلَّتْهُ، ثُم أَهَلَّت بالحجِّ يومَ التَّرُويةِ.


(١) الدَّبَر: الجُرْحُ الذي يكونُ في ظَهْر البعير. النهاية: ٢/ ٩٧.
(٢) عَفَا الأثَر: أي انْدَرَسَ أَثَرُ الإِبلِ وغيرِها في سَيْرِها. فتح الباري: ٣/ ٤٢٦.
(٣) وهو اليوم الثامن من ذي الحِجَّة.
(٤) وفي المطبوع: بإِهلالٍ كإِهلال، وما أثبتناه من المخطوط.
(٥) الخَطْمِيّ: نباتٌ من الفصيلة الخُبَّازِية، كثمِز النَّفْع، يدَقُّ ورقه يابسًا ويُجْعَلُ غِسْلًا للرَّأْس فَيُنَقِّيه.
المعجم الوسيط ص: ٢٤٥، مادة (خَطَم).

<<  <  ج: ص:  >  >>